الفريقين. وقرئ (كلّ) بالرفع على الابتداء ، والمفعول الأوّل هو العائد في جملة الخبر محذوف ، أي : وعده ، والقراءة الأولى هي الأشهر ، وعلى كلتا القرائتين (الحسنى) المفعول الثاني ، والجملة اعتراض جيء بها لدفع ما يتوهّم من تفضيل أحد الفريقين على الآخر ، وحرمان المفضول البتة.
وإنّما لم يذكر عزوجل القيود في قوله تعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) ؛ لاغناء «ال» في «المجاهدين» عن ذكرها ، وإنّما لم يذكر القيد في القاعدين ، أي : «غير أولي الضرر» في الموضعين ولم يفعل ما فعله بالقيود مع المجاهدين الّتي ذكرها على سبيل التدرج ؛ لأنّ قيد «غير اولي الضرر» كان بعد السؤال ، بخلاف القيود مع المجاهدين.
و (أجرا) في قوله تعالى : (أَجْراً عَظِيماً) مفعول ثان ، لتضمّنه معنى الإعطاء ، وقيل : هو منصوب بنزع الخافض ، أي : فضّلهم بأجر.
و (درجات) في قوله تعالى : (دَرَجاتٍ مِنْهُ) ، إمّا أن يكون منصوبا على الحاليّة ، أي : ذوي درجات ، أو يكون بدلا من (أجرا) ، بدل الكلّ مبيّنا لكميّة التفضيل ، واقعا موقع الظرف ، أي : في درجات. و (منه) متعلّق بمحذوف صفة لدرجات تدلّ على فخامتها وعلو شأنها.
و (ظالمي) في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) منصوب على الحاليّة من ضمير المفعول في (توفاهم) ، والأصل (ظالمين أنفسهم) ، والإضافة لفظيّة لا تفيد تعريفا.
والاستفهام في قوله تعالى : (فِيمَ كُنْتُمْ) للتوبيخ والتقريع ، وقد ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ (ما) الاستفهاميّة المجرورة تحذف منها الألف حسب القاعدة ؛ فرقا بين الاستفهام والخبر ؛ وتنزيلا لها مع ما قبلها منزلة الكلمة الواحدة ؛ ولذا تكتب الألف في (الى) و (على) و (حتّى) في قولهم : إلام ، وعلام ، وحتّى م ، ما لم يوقف على ـ م ـ بالهاء.