فرض التحمّل في القرآن ، قلت : وما التحمّل جعلت فداك؟ قال : أن يكون وجهك اعرض عن وجه أخيك فتحمل له ، وهو قول الله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ)».
أقول : المراد من الوجه الرضا ؛ لأنّ الشخص إذا أراد شيئا أقبل بوجهه عليه وإذا كرهه أعرض بوجهه عنه ، وإنّ النجوى تنافي المجاملات الأخلاقيّة المفروضة في القرآن ، إلّا في ما استثناها الآية الشريفة.
ولعلّ المراد من التحمّل ارتكاب الحيل الشرعيّة في قضاء حوائج الإخوان ، وقد ضبط بالجيم (التجمّل) ، وضبط بالحاء (التحمّل) ، كما مرّ.
وفي تفسير علي بن إبراهيم عن علي عليهالسلام قال : «إنّ الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض عليكم زكوه ما ملكت أيديكم».
أقول : إنّ بذل الجاه في سبيل قضاء حوائج الإخوان تقرّبا إلى الله تعالى من أجلّ المكارم وأسمى الفضائل ، ومن الأدب الرفيع الّذي حثّ عليه الإسلام ، وبه ينبسط العدل على وجه البسيطة وتحصل السعادة القصوى للمجتمع وشرف المنزلة لأفراده ؛ ولذا قرنه عليهالسلام بأهمّ الفرائض الّتي بني عليها الإسلام ويدور عليها نظام اقتصاده.
وفي الكافي بسنده عن أبي الجارود قال : «قال أبو جعفر عليهالسلام : إذا حدّثتكم بشيء فاسألوني عنه من كتاب الله ، ثمّ قال في بعض حديثه : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال ، فقيل له : يا ابن رسول الله ، أين هذا من كتاب الله؟ قال : إنّ الله عزوجل يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ، وقال : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) ، وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)».
أقول : هذا النهي تنزيهي وإرشادي تربوي ، وقد أثبت العلم الحديث