وفي تفسير العياشي عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا سافر أحدكم فليأت أهله ممّا تيسّر ولو بحجر ، فإنّ إبراهيم عليهالسلام كان إذا ضاق أتى قومه ، وانّه ضاق ضيقة فأتى قومه فوافق منهم أزمة ، فرجع كما ذهب فلما قرب من منزله نزل عن حماره فملأ خرجه رملا ؛ إرادة أن يسكن به من روح سارة ، فلما دخل منزله حطّ الخرج عن الحمار وافتتح الصلاة ، فجاءت سارة ففتحت الخرج فوجدته مملوء دقيقا ، فاعتجنت منه واختبزت ثمّ قالت لإبراهيم : انفتل من صلاتك فكل ، فقال لها : أنى لك هذا؟! قالت : من الدقيق الذي في الخرج ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : اشهد أنّك الخليل».
أقول : الروايات وإن اختلفت تعابيرها وأنّها وردت من الفريقين إلّا أنّ مضامينها من حيث المعجزة وخرق العادة متّحدة ، ويستفاد منها أنّ المحبّة منه عليهالسلام له تعالى كانت خالصة ـ كما فسّر الخلّة بها ـ وأنّه تعالى نصره ولم يخذله فيكون ذلك من مظاهر النصرة.
وفي بعض الروايات : «انّ الملائكة قال بعضهم لبعض : اتّخذ ربّنا من نطفة خليلا ، وقد أعطاه ملكا عظيما جزيلا ، فأوحى الله تعالى إلى الملائكة اعمدوا على أزهدكم ورئيسكم ، فوقع الاتّفاق على جبرئيل وميكائيل فنزلا إلى إبراهيم في يوم جمع غنمه ، وكان لإبراهيم أربعة آلاف راع وأربعة آلاف كلب ، في عنق كلّ كلب طوق وزن من ذهب أحمر وأربعون ألف غنمة حلابة ، وما شاء الله من الخيل والجمال ، فوقف المكان في طرفي الجمع فقال أحدهما بلذاذة صوت : (سبوح قدوس) ، فجاوبه الثاني : (ربّ الملائكة والروح) ، فقال عليهالسلام : عيداها ولكما ما لي وجسدي ، فنادت ملائكة السموات : هذا هو الكرم ، فسمعوا مناديا من العرش يقول : الخليل موافق لخليله».
أقول : صوت لذاذة ، أي : ما تهيج بها النفس وتستلذّ ، ويستفاد منها