بيده وقال : يا عبد الله من أدخلك داري ، فقال ربّها أدخلنيها ، فقال : ربّها أحقّ بها مني فمن أنت؟ فقال : أنا ملك الموت ، ففزع إبراهيم عليهالسلام وقال : جئتني لتسلبني روحي ، قال : لا ، ولكن اتّخذ الله عبدا خليلا فجئت لبشارته ، قال : فمن هو لعلي أخدمه حتّى أموت ، قال : أنت ، فدخل على سارة فقال : إنّ الله تعالى اتّخذني خليلا».
أقول : لعلّ السرّ في أنّ البشرى بالخلّة كانت بتوسّط ملك الموت ؛ لأنّ الوصول بمقام الخلّة لا يكون إلّا بإماتة القوى الحيوانيّة موتا اختياريا ، فكان صورة فعل إبراهيم عليهالسلام تجسّد له بصورة ملك الموت ، والرواية مروية عن طريق العامّة أيضا باختلاف يسير كما في الدرّ المنثور.
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : «انّ إبراهيم كان أبا أضياف ، وكان إذا لم يكونوا عنده يخرج يطلبهم وأغلق بابه وأخذ المفاتيح يطلب الأضياف ، وأنّه رجع إلى داره فإذا هو برجل أو شبه رجل في الدار ، فقال : يا عبد الله بإذن من دخلت هذه الدار؟ فقال : دخلتها بإذن ربّها ، يرد ذلك ثلاث مرات ، فعرف إبراهيم عليهالسلام أنّه جبرئيل ، فحمد ربّه ثمّ قال : ارسلني ربّك إلى عبد من عبيده يتّخذه خليلا ، قال إبراهيم : فأعلمني من هو أخدمه حتّى أموت ، قال : أنت ، قال : وبم؟ قال : لأنّك لم تسأل أحدا شيئا قط ، ولم تسأل شيئا قط فقلت لا».
أقول : لا منافاة بين هذه الرواية وسابقتها من حيث أنّ المبشّر في هذه الرواية هو جبرئيل ، وفي الاولى ملك الموت ؛ لما تقدّم أنّ المراد من ملك هو صورة فعل إبراهيم. كما لا منافاة بين ما في هذه الرواية في الدار ، وفي الرواية الأولى : «خارجا من الدار» ، لما فيه من النكتة وهي الإشارة إلى فراغ إبراهيم عليهالسلام من تكميل ذاته بالموت الاختياري.
ويمكن الجمع بين الروايتين بحسب الصناعة الظاهريّة بتعدّد الملك ، فملك الموت بشّره خارج الدار ، وجبرئيل في داخل الدار.