عليّ عليهالسلام كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس ، والله لفيه نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الإمام عليهالسلام ، فطلبوا القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين عليهالسلام قالوا : ربّنا لم كتبت علينا القتال؟! لولا أخّرتنا إلى أجل قريب ، وقوله : (رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم».
أقول : الروايات في ذلك متضافرة متقاربة في المعنى ، وأنّها من باب التطبيق وذكر المصداق ، لما تقدّم من أنّ الآيات المباركة تنطبق على جميع العصور والأزمان ، ولا تختصّ بعصر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأنّ طاعة الإمام عليهالسلام هي طاعة النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وعن علي بن إبراهيم : «أنّها ـ الآية المباركة ـ نزلت بمكّة قبل الهجرة ، فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآله الى المدينة وكتب عليهم القتال فنسخ هذا ، ففزع أصحابه من هذا ، فأنزل الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ) بمكّة (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) ، لأنّهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكّة أن يأذن لهم في محاربتهم ، فأنزل الله : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، فلما كتب عليهم القتال بالمدينة : (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) ، فقال الله : (قُلْ) لهم يا محمد : (مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) الفتيل القشر الّذي في النواة ، ثمّ قال تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) يعني : الظلمات الثلاث الّتي ذكرها الله ، وهي المشيمة والرحم والبطن».
أقول : لا تختصّ الآيات المباركة بمورد النزول فقط ، بل تعمّ غيره كما تقدّم ، وتفسير البروج بالمشيمة والرحم والبطن تفسير بأحد المصاديق والأفراد ؛ لأنّ الموت يصيب الإنسان حتّى لو حفظته الطبيعة في محلّ مأمون عن الكوارث والحوادث.
البيهقي في سننه عن ابن عباس : «انّ عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا