أقول : المراد من القليل في مقابل الآخرة.
العياشي عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم ، بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء وتقول ، وبقوتي أدّيت إليّ فريضتي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذاك أنّي أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، وذاك أنّي لا اسئل عمّا افعل وهم يسألون».
أقول : ما ورد في الرواية من القدسيات وتقدّم في المباحث السابقة مكرّرا أنّ كلّ شيء من الله تبارك وتعالى ؛ لأنّه الربّ والخالق والعالم والمدبّر. وقد جعل للإنسان الاختيار ليميّز الخبيث من الطيب بعقله ، فإذا سلك الإنسان الطريق الفاسد كان باختياره وهو المسؤول ، وإذا سلك الطريق الصحيح فمنه تعالى ؛ لأنّه تفضّل علينا بخلقه وإرائته ، بل أنّه تعالى أنعم علينا بالاختيار لما نختار ، فهو تعالى لا يسأل عمّا يفعل ، لأنّ أفعاله لا تصدر إلّا عن مصلحة وحكمة ، ولكن العباد يسألون لما اختاروا.
وفي الدرّ المنثور أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عليهالسلام عن ابن عباس في قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يقول : «الحسنة من عند الله ، أمّا الحسنة فأنعم الله بها عليك ، وأمّا السيئة فابتلاك الله بها». وفي قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) قال : «ما فتح الله عليه يوم بدر ، وما أصاب من الغنيمة والفتح». (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) قال : «ما أصابه يوم أحد أن شجّ في وجهه وكسرت رباعيته».
أقول : المراد من الابتلاء الامتحان ، والرواية موافقة للروايات الصادرة عن الأئمة الهداة عليهمالسلام كما تقدّم.
وعن قتادة في قوله تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) قال : عقوبتك بذنبك يا ابن آدم ، قال : وذكر لنا أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : «لا يصيب