أما لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ، ولم يعرف وليّ الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته ، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان ، ثمّ قال : المحسن منهم يدخله الجنّة بفضل منه».
أقول : المراد من معرفة وليّ الله هو معرفة الرسول والعمل بأوامره مع العقيدة الكاملة ، وأن معرفة أوليائه يستلزم معرفة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكذا العكس ، ولو لم يعرف وليّ الله فيواليه لا يكون أعماله وفق النظام الصحيح الكامل والمنهج الربّاني المنزّل على رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله ، فلا يستحق الثواب كما في الصحيح عن أبي جعفر عليهالسلام : «كلّ من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله ، فسعيه غير مقبول وهو ضالّ متحيّر».
وذيل الرواية متعلّق بصدرها ، أي : الّذين عرفوا الإمام عليهالسلام ، المحسن منهم يدخل الجنّة ، وفي تفسير الصافي : «أنّه صلىاللهعليهوآله قال : من أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أطاعني فقد أطاع الله ، فقال المنافقون : لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه ، ما يريد إلّا أن نتخذه ربّا كما اتّخذت النصارى عيسى ، فنزلت الآية».
أقول : إنّ إطاعة الرسول من إطاعة الله تعالى ؛ للتلازم العقليّ بينهما ، فإنّه صلىاللهعليهوآله في الحقيقة والواقع مبلّغ له ، فالآمر والناهي هو الله جلّ شأنه ، فإطاعة أوامره وعصيانها هو إطاعة الله وعصيانه ، ولا يمكن التفكيك بينهما ، ولا يرضى سبحانه وتعالى العمل إلّا عن طريق رسوله صلىاللهعليهوآله وبما بيّنه ، وإنّ شأن الأنبياء كلّهم ذلك.
وفي الدرّ المنثور أخرج ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر قال : «كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله في نفر من أصحابه ، فقال : يا هؤلاء ، ألستم تعلمون أنّي رسول الله إليكم؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنّ الله أنزل في كتابه أنّه من أطاعني فقد أطاع الله؟ قالوا : بلى نشهد أنّه من أطاعك فقد أطاع الله ، وأن من طاعته طاعتك ،