______________________________________________________
البناء المذكور لا ينافي الأخذ بظاهر الأمر به في بعض النصوص أعني الوجوب. لكن عرفت أن الاستناد في دعوى وجوبه الى ظاهر الأمر محل إشكال. ومثله في الاشكال دعوى كون المراد من التسليم في النصوص المذكورة التسليم الأخير ، لشيوع استعماله فيه كما عن جماعة ، ويشير إليه موثقة أبي بصير الطويلة (١) ، وحديث ميسر (٢) ، وخبر الفضل بن شاذان (٣) ، وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي (٤) ، إذ لو تمت اقتضت حمل نصوص التحليل عليه ، فيتعين حملها على الاستحباب لعدم وجوبه ، وكذا غيرها مما أطلق فيه التسليم : كموثق أبي بصير الأول (٥) ، والنصوص المتضمنة للأمر به إذ الفرق بين الطائفتين غير ظاهر. مع أن هذه الدعوى لا تتأتى في صحيح زرارة ، ولا في خبر الحسن بن الجهم لعدم ذكر التسليم فيهما ليحمل على هذا المعنى. اللهم إلا أن يكون الوجه في سقوطهما عن الحجية في المقام ظهورهما في الحدث قبل الصلاة المجمع على قاطعيته.
وكيف كان فالأولى أن يقال : إن النصوص المذكورة معارضة بما دل على انحصار المحلل بالتسليم ، والجمع بينهما ـ بحمل الثانية على الاستحباب ـ ليس عرفياً ، لأن نصوص التحليل ظاهرة في أن التحريم الثابت بالتكبير ، سواء أكان وضعياً كما هو الظاهر أم تكليفياً ينحصر رافعه بالتسليم ، وحملها على أن التحريم يرتفع قبل التسليم ويثبت تحريم تنزيهي يرتفع بالتسليم مما تأباه تلك النصوص جداً على اختلاف ألسنتها ، فيتعين الرجوع الى الترجيح ، وهو مع نصوص التحليل كما سبق ، لمخالفتها للعامة ، واتحاد لسان الأولى
__________________
(١) تقدمت في المورد السابع من مستحبات التشهد.
(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ١.
(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ٣.
(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٣.
(٥) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٤.