الدواء الّذي يشربه المريض مثلا مبغوض له باعتبار ذائقته ومحبوب له باعتبار حال مزاجه وقتل زيد مثلا مبغوض بالإضافة الى احبائه ومحبوب بالإضافة الى اعدائه.
الثالث : ان كل ممكن له آثار وتوابع ترجع الى ثلاث حيثيات : الوجود والماهية التى هى حد الوجود والعدم اى عدم امور عن هذا الممكن الموجود ولا شبهة فى ان توابع كل من هذه الحيثيات الثلاث لا بدّ ان تستند الى متبوعها ومنشأها ولكن الناس لا يفرقون بين تلك الحيثيات ولا يميزون تابعا عن تابع حتى يسندوا كلا الى متبوعه بل يرون موجودا ويرتبون عليه كل تابع وهذا هو السر فى ان اهل العلم والتحقيق يرون الخير من الوجود والشر من العدم وان اهل الجهل والتخمين يزعمون ان الشر مستند الى الموجود من حيث هو موجود فبعد ما سلم ان الصادر بالذات من الجاعل هو الوجود والماهية مجعولة بالعرض لانها حده والعدم لا يكون مجعولا اصلا فتوابع كل من هذه الثلاث فى الجعل بالذات او بالعرض او عدم الجعل كمتبوعها.
الرابع : ان المدعى يرجع الى قضايا أربعة : كل وجود خير وعكسه كليا وكل عدم شر وعكسه كليا وقد يتراءى فى كلام صدر المتالهين رحمهالله فى مباحث العلة والمعلول من الاسفار ان الماهية منشأ الشرور وكل شر من جهة الماهية قال : ان الماهيات والاعيان الثابتة بحسب اعتبار ذواتها من حيث هى هى وبحسب تميزها عن الوجود عند تحليل العقل منشأ الاحكام الكثيرة ، والامكان وسائر النقائص والذمائم اللازمة لها من تلك الحيثية ، ويرجع إليها الشرور والافات التى هى من لوازم الماهيات من غير جعل وقال فى اواخر المرحلة الثانية من السفر الاول : واما الماهيات الامكانية والاعيان الثابتة فى العقول فهى فى حدود انفسها لا توصف بخيرية ولا شرية لانها لا موجودة ولا معدومة باعتبار انفسها ووجودها المنسوب إليها على النحو الّذي قررناه مرارا خيريتها وعدمها شريتها فالوجود خير محض والعدم شر محض انتهى وقد يتوهم ان بين كلاميه تهافتا وليس لان حاصل كلاميه ان الماهية منشأ للشر وان الشر هو العدم ولا تهافت بينهما وتنتج هاتان القضيتان ان