الميول لا يدل على تماثل الطبائع والنفوس فاستدلال المتكلمين بتماثل الحركات من حيث الجهة على تماثل الميول خطأ لان حركة الهواء نحو العلو وحركة الحجر نحوه قسرا وان كانتا متماثلتين من حيث الجهة الا ان الضرورة تشهد بان الميلين مختلفان ، واما المتكلمون فيتنوع الميل عندهم الى ستة انواع بحسب الجهات الست فالميل الى العلو مثلا عندهم نوع والى السفل نوع آخر.
قول الشارح : لان تساوى المعلول يستلزم تساوى العلة ـ يعنى لان وحدة الحركة التى هى معلول للميل بالنوع يستلزم وحدة العلة التى هى الميل بالنوع فالميل الّذي يقتضي الحركة الى جهة العلو مثلا حقيقة واحدة فى جميع الافراد.
اقول : هذا مردود بوجهين : الاول ان وحدة المعلول بالنوع لا يستلزم وحدة العلة بالنوع بل الامر على عكس ذلك لما ذكر فى المسألة الثالثة من الفصل الثالث من المقصد الاول ، الثانى ان وحدة الحركة من حيث الجهة لا يستلزم وحدتها من حيث الحقيقة اذ تختلف من حيث الطبيعة والإرادة والقسر مع وحدة الجهة.
قوله : واختلف ابو على وابو هاشم الخ ـ تحقيق الحق ان اجتماع الميلين الذاتيين سواء كانا طبيعيين او قسريين او اراديين او مختلفين فى جسم واحد الى جهتين مختلفتين بحيث يظهر اثرهما ويتحقق حركتهما الى تينك الجهتين ممتنع بالضرورة لامتناع الحركتين الذاتيتين لجسم واحد الى جهتين مختلفتين بالضرورة ، واما اجتماع الميل الذاتى والميل العرضى كما فى السائر فى السفينة الى جهة غير الجهة التى تسير إليها السفينة ، او اجتماع الذاتيين الى جهة واحدة كما فى الحجر المرمى من فوق الى سفل بقوة ، والانسان المندفع الى جهة يريد السير إليها ، والانسان الساقط من مرتفع يريد السقوط منه الى سفل او اجتماع الميلين الذاتيين الى جهتين بحيث لم يظهر اثر احدهما لكونه مغلوبا للآخر ويظهر اثر الاخر لكونه غالبا كما فى الحجر الصاعد قسرا ، والانسان المندفع الى جهة يريد الذهاب الى جهة اخرى ، والانسان الساقط من شاهق يريد عدم السقوط منه بل وقع السقوط لزلقه وغفلته. او لم يظهر اثر منهما لكونهما متساويين فى القوة كما فى الحلقة