اللذيذ فقط بل هى ادراك حصول اللذيذ للملتذ ووصوله إليه ( والفرق بين ادراك الشيء وادراك حصول الشيء هو ان الثانى ادراك المدرك للشىء مع علمه بانه حاصل له حقيقة او اعتبارا ، فان هذا العلم قد ينفك عن ادراك الشيء كما ان انسانا ادرك انهارا واشجارا وبساطين واولادا وغلمانا وازواجا لم يكن بينه وبينها علاقة وملكية ) وانما قال ما هو عند المدرك كمال وخير لان الشيء قد يكون كمالا وخيرا بالقياس الى شيء وهو لا يعتقد كماليته وخيريته فلا يلتذ به وقد لا يكون كذلك وهو يعتقده فيلتذّ به فالمعتبر كماليته وخيريته عند المدرك لا فى نفس الامر والكمال والخير هاهنا اعنى المقيسين الى الغير هما حصول شيء لما من شأنه ان يكون ذلك الشيء له اى حصول شيء يناسب شيئا ويصلح له ويليق به بالقياس الى ذلك الشيء والفرق بينهما ان ذلك الحصول يقتضي لا محالة براءة ما من القوة لذلك الشيء فهو بذلك الاعتبار فقط كمال وباعتبار كونه مؤثرا ( على صيغة المفعول من الايثار ) خير والشيخ انما ذكرهما لتعلق معنى اللذة بهما واخر ذكر الخير لانه يفيد تخصيصا ما لذلك المعنى ( لان الكمال الحاصل من حيث هو كمال لا يلتذ به بل يشترط بان يكون مؤثرا ومختارا للشخص ) وانما قال من حيث هو كذلك لان الشيء قد يكون كمالا وخيرا من جهة دون جهة والالتذاذ به يختص بالجهة التى هو معها كمال وخير ( كما ان المطالعة مثلا من حيث هى متعبة للنفس وشاقة عليها لا يلتذ بها ومن حيث انها سبب لانكشاف الحقائق وحصول المعارف يلتذ بها ) فهذه ماهية اللذة ويقابلها ماهية الالم ( تقابل التضاد ) كما ذكره وهو اقرب الى التحصيل من قولهم اللذة ادراك الملائم والالم ادراك المنافى ولذلك عدل الشيخ منه الى ما ذكره فى هذا الموضع ، انتهى كلام المصنف فى شرح الاشارات.
اقول : ان اللذة والالم ينقسمان الى الحسى والتخيلى والتوهمى والتعقلى بحسب اقسام المدركات كانقسام الادراك الى الاحساس والتخيل والتوهم والتعقل ، وانما التعقل والتوهم والتخيل والاحساس البصرى بمثل الاشياء وصورها ، ولا شبهة ان الانسان يلتذ ويتألم بالصور التخيلية والتعقلية والمعانى التوهمية ، وادراك الانسان