للصورة الحاصلة فى النفس ادراك حضورى لحضور المدرك عند المدرك ، وادراكه للشىء الخارجى ذى الصورة ادراك حصولى لحصول صورته للمدرك ، والانسان حقيقة لا يلتذ ولا يتألم فى هذه الادراكات بالشيء الخارجى بخلاف الادراك الحسى غير البصرى اذ ليس بين الشيء الخارجى وبين الانسان ارتباط يوجب الالتذاذ والتألم به الا باعتبار الصور الحاصلة ، بل يلتذ ويتألم بما حصل فى نفسه من الصور ، وقد يحصل اللذة والالم بالوجدانيات كادراك الجوع والعطش وادراك النفس نفسها وما يتعلق بها من صفاتها وقواها وآلاتها وافعالها ، ولاهل الشهود لذات وآلام غير هذه المذكورات كما شهد الكتاب المجيد بذلك لابراهيم على نبينا وآله وعليه السلام فى قوله : وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين.
اذا علمت هذا فمرجع هذه الجملة من كلام المصنف فى شرح الاشارات. واللذة لا تتم بحصول ما يساوى اللذيذ بل انما تتم بحصول ذاته الى ما قلنا من ان الالتذاذ حقيقة انما هو بما يناله المدرك لا بالامور الخارجية سواء كان صورا فى النفس من المعقولات والموهومات والمتخيلات والمبصرات او كيفيات من المحسوسات او الوجدانيات او المشهودات لاهل الشهود ، والحاصل ان اللذة لا تتم الا بحضور ما يعتقده المدرك خيرا عنده مع علمه والتفاته بحضوره ، وكذا الالم.
ثم ان الخير والشر المذكورين فى التعريف هما الاضافيان كما مرت الاشارة إليه هنا فى الكلام المنقول من المصنف ، ومر أيضا ذكرهما فى المسألة السابعة من الفصل الاول من المقصد الاول.
قوله : وليست اللذة خروجا عن الحالة الطبيعية ـ هكذا فى هذا الشرح وفى الشرح القديم ، وفى شرح القوشجى : وليست اللذة خروجا عن الحالة الغير الطبيعية ، ثم قال القوشجى : والموجود فى بعض نسخ الكتاب بهذه العبارة : وليست اللذة خروجا عن الحالة الطبيعية ولعله من قبل طغيان القلم ، وفى الشوارق مثل ما هاهنا ، ثم قال : كذا وقعت هذه العبارة فى نسخ المتن وظاهر انه سهو من القلم لان هذا الكلام رد لما زعمه محمّد بن زكريا الطبيب من ان اللذة هى العود الى الحالة