ثم ان هذا الشيء له حيثيتان : حيثية انه شيء بالقوة بالنسبة الى هذا الكمال الثانى وحيثية انه نوع من الجسم ، وله من كل من الحيثيتين كمال اوّل ، كماله الاول من حيث انه نوع من الجسم هو صورته النوعية لان الصورة النوعية كمال اوّل متقدم بالنسبة الى الآثار والافعال المترتبة المتفرعة عليها ، وكماله الاول من حيث انه شيء بالقوة بالنسبة الى هذا الكمال الثانى هو حركته ، والحاصل ان الحركة كمال اوّل للمتحرك من حيث هو متحرك لم يصل بعد الى المنتهى.
قول الشارح : والجسم فى تلك الحال بالقوة فى المكان الثانى ـ اى ان الجسم فى حال حصوله فى المكان المنتقل عنه اى المبدأ يكون شيئا بالقوة بالنسبة الى حصوله فى المكان الثانى اى المنتهى كما انه شيء بالقوة بالنسبة الى الحركة أيضا اذ حال كونه فى المبدأ لم يتحقق بعد حركته ، او المعنى ان الجسم فى حال الحركة يكون بعد شيئا بالقوة بالنسبة الى حصوله فى المكان الثانى اى المنتهى.
قوله : لان الحركة تفارق سائر الكمالات الخ ـ هذا الكلام بظاهره لا محصل له لان التفريق بين الحركة وغيرها بان غيرها اذا حصل خرج ذو الكمال من القوة الى الفعل دون الحركة ليس بصحيح ، بل الحركة أيضا اذا حصلت خرج ذو الحركة من القوة الى الفعل ، وكون المتحرك بالقوة ليس باعتبار الحركة بل باعتبار حصوله فى المكان الثانى اى منتهى الحركة ، نعم ان الجسم حين كونه فى مبدأ الحركة يكون بالقوة باعتبار الحركة وباعتبار حصوله فى المنتهى ، واما اذا حصلت له الحركة فليس بالقوة الا بالاعتبار الثانى ، فبيان الحيثية هو ما مر عن قريب ، نعم ان الجسم فى اثناء الحركة يكون بالقوة بالنسبة الى الحركة الباقية الى المنتهى فتدبر.
قوله : فهى الحصول فى المكان الثانى لا غير ـ اعلم ان للحركة مبدءا ومنتهى بينهما حدود يقع المتحرك فى كل واحد من تلك الحدود ويتركه حتى يقع فى المنتهى فيقف. ولا شبهة انه لا وقوف له فى شيء من تلك الحدود ولا حركة له فيه اذ لو وقف فى الحد لم يكن متحركا ولو تحرك فيه لم يكن الحد حد الآن الحد