لا ينقسم فالجسم له حصول فى كل حد من الحدود المتوسطة لا وقوف له فيه ولا حركة ، واما فى المبدأ والمنتهى فهو ساكن والا لم يكن المبدأ مبدءا ولا المنتهى منتهى بل حد من الحدود الوسطية ، فالجسم ليس فى المبدأ ولا فى المنتهى ولا فى واحد من تلك الحدود المتوسطة متحركا ، بل تحركه انما هو بالقياس الى ما بين المبدأ والمنتهى من دون نسبته الى الحدود ، فمراد الشارح بالمكان الاول هو المبدأ وبالمكان الثانى المسافة بين المبدأ والمنتهى ، ومعلوم انه ليس بين المبدأ وتلك المسافة واسطة ، فالحركة هى الحصول فى المكان الثانى اى المسافة لا غيرها من المبدأ والمنتهى وكل واحد من الحدود المتوسطة.
قول المصنف : ووجودها ضرورى ـ لما فرغ المصنف عن بيان مفهوم الحركة بخاصة من خواصها وهى كونها كمالا للجسم بذلك التقيد صرح بان وجودها ضرورى لا يحتاج الى الاستدلال.
اعلم ان الجسم المتبدل عليه الاحياز المتعددة مثلا له حالة هى التبدل والتغير بحسب المكان ولا شبهة ان هذه الحالة امر حاصل ثابت للجسم فى الخارج ما دام متوسطا بين المبدأ والمنتهى وهذه الحالة تسمى بالحركة التوسطية وهذه هى التى وجودها ضرورى ، ثم ان الجسم بسبب هذه الحالة له نسب الى الحدود المتوسطة بين المبدأ والمنتهى ، ومعلوم انها نسب متعددة مختلفة بحسب الانقسامات الممكنة للمسافة ، وقد مرّ ان الجسم له حصول فى كل واحد من تلك الحدود المتوسطة لا سكون له فيه ولا حركة ، ولكن يمكن ان يحفظ هذه الحصولات كل بعد آخر فى الخيال مترتبة متدرجة ليحصل فى الخيال امر ممتد من هذه الحصولات ، فهذا الامر الممتد الحاصل من الحصولات المنسوبة الى الحدود يسمى بالحركة القطعية ولها وجود فى الخيال لا فى الخارج لان النسب غير موجودة فيه ، والحاصل ان كون الجسم بين المبدأ والمنتهى لو لم يعتبر نسبته الى الحدود المتوسطة فهو موجود فى الخارج وان اعتبرت فمعدوم فيه موجود فى الخيال ، وقس على ذلك الحركة فى سائر المقولات.