على يوحنا بن جيلاد المتوفى بمدينة السلام فى ايام المقتدر واستفاد منه وبرز فى ذلك على اقرانه واربى عليهم فى التحقيق وشرح الكتب المنطقية واظهر غامضها وكشف سرها وقرب متناولها وجمع ما يحتاج إليه منها فى كتب صحيحة العبارة لطيفة الاشارة منبهة على ما اغفله الكندى وغيره من صناعة التحليل وانحاء التعليم واوضح القول فيها عن طرق المنطق الخمسة وافاد الانتفاع بها وعرف طرق استعمالها وكيف يصرف صورة القياس فى كل مادة منها فجاءت كتبه فى ذلك الغاية الكافية والنهاية الفاضلة ثم له بعد هذا كتاب شريف فى احصاء العلوم والتعريف باغراضها لم يسبق إليه ولا ذهب احد مذهبه فيه ولا يستغنى طلاب العلوم كلها عن الاهتداء به وتقديم النظر فيه وله كتاب فى اغراض افلاطون وارسطوطاليس يشهد له البراعة فى صناعة الفلسفة والتحقيق بفنون الحكمة وهو اكبر عون على تعلم طريق النظر وتعرف وجه الطلب اطلع فيه على اسرار العلوم وثمارها علما علما وبين كيف التدرج من بعضها الى بعض شيء شيء ثم بدء بفلسفة افلاطون يعرف بغرضه منها وسمى تواليفه فيها ثم اتبع ذلك بفلسفة ارسطوطاليس فقدم لها مقدمة جليلة عرف منها بتدرجه الى فلسفته ثم بدء بوصف اغراضه فى تواليفه المنطقية والطبيعية كتابا كتابا حتى انتهى به القول فى النسخة الموجودة الى اوّل العلم الإلهى والاستدلال بالعلم الطبيعى عليه فلا اعلم كتابا اجدى على طلب الفلسفة منه فانه يعرف بالمعانى المشتركة لجميع العلوم والمعانى المختصة بعلم علم منها ولا سبيل الى فهم معانى قاطيغورياس وكيف هى الاوائل الموضوعة لجميع العلوم إلا منه ثم له بعد هذا فى العلم الإلهى والعلم المدنى كتابان لا نظير لهما احدهما المعروف بالسياسة المدنية والاخر المعروف بالسيرة الفاضلة عرف فيهما بجمل عظيمة من العلم الإلهى على مذهب ارسطوطاليس فى المبادى الستة الروحانية وكيف يوجد عنها الجواهر الجسمانية على ما هى عليه من النظام واتصال الحكمة وعرف فيهما بمراتب الانسان وقواه النفسانية وفرق بين الوحى والفلسفة ووصف اصناف المدن الفاضلة واحتياج المدنية الى السير الملكية والنواميس النبوية ، وكان ابو نصر الفارابى معاصرا لابى بشر