الاول ، وليس كذلك ، بل المقصد كافل لاثبات الصانع باثبات وجوده فى الفصل الاول واثبات صفاته اللازمة له فى الفصل الثانى
فان قلت : لم قال كذلك؟ ولم يقل فى اثبات واجب الوجود كما فعل الحكماء حتى يتوهم هذا الايراد.
قلت : ان المصنف مشى فى هذا الكتاب ممشى المتكلمين ، وانهم اتوا بهذا العنوان فى مبحث اثبات المبدأ الاول كما ان المشائين عنونوا البحث بواجب الوجود ، والاشراقى بنور الانوار ، والعرفاء بالوجود المطلق ، وكل الى ذاك الجمال يشير والمتكلمون انما عدلوا عن اطلاق واجب الوجود عليه تعالى لتوقيفية اسمائه تعالى وسيأتى الكلام فى ذلك إن شاء الله تعالى.
ثم ان صاحب الشوارق قال : ان المصنف انما عدل من عنوان واجب الوجود الى عنوان الصانع للاشارة الى انه انما يمكن الاستدلال عليه تعالى من سبيل النظر فى معلولاته التى هى مصنوعاته على طريقة الآن التى انما تفيد وجود العلة من حيث هى علة وصانع لا من حيث ذاتها دون اللم الّذي هو الاستدلال من العلة على المعلول حيث لا علة له تعالى.
اقول : سيأتي عن قريب بيان ان هذا الاستدلال فى كلام المصنف ليس إنيا ولا لمّيّا ولا من سبيل النظر فى معلولاته ومصنوعاته ، بل سبيله النظر الى الموجود من حيث هو موجود مع قطع النظر عن خصوصية الوجوب والامكان والعلية والمعلولية والقدم والحدوث وغيرها.
والعجب انه بعد سطور قال : الثالث منهج الحكماء الالهيين وهو النظر فى الموجود من حيث هو موجود مع قطع النظر عن كونه حادثا او قديما متحركا او غير متحرك الى غير ذلك على ما هو موضوع العلم الإلهى.
وقد قيل : انما عدل منه إليه لانه اذا قيل فى اثبات واجب الوجود صارت المسألة حينئذ ضرورية لان ما وجب وجوده فهو موجود بالضرورة فلا يحتاج الى الاثبات.
وقال صاحب الشوارق : ذلك ليس بحق لان المسألة ليست هى ان الواجب