واما الاختيار فهو لازم القدرة ، بل عينها ، وهو بحسب المفهوم ما يقتضي تساوى الفعل والترك للفاعل فى قبال الايجاب الّذي لا يكون الترك فى وسع الفاعل معه والامتناع الّذي لا يكون الفعل فى وسعه معه ، وهو كالقدرة من صفات ذاته تعالى بخلاف الإرادة التى سيأتي إن شاء الله تعالى فى المسألة الرابعة بيان انها من صفات الفعل ، فهو بذاته المختارة ذاتا يوجد ولا يوجد ويعدم ولا يعدم كل ما هو فى صقع الامكان الذاتى والتحدد بالحد الماهوى ، والمخصص هو علمه الّذي لا يحيطون بشيء منه ولا يبلغون دون كنهه.
وبالجملة ان الاختيار مقدم على المشية ، به ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل ، لا بصرف مفهوم الملازمة ، بل بالحقيقة له فعل عن مشيته لا بالايجاب ، وترك عن عدمها لا بالامتناع.
واما الامكان الصدورى فهو من الاوصاف الاعتبارية للفعل بعد امكانه الذاتى ، فاذا حصل له بالنسبة الى الفاعل اتصف بالقدرة عليه ، لا بالقدرة المطلقة لان الفاعل عن علم ومشية قادر لا محالة ، وهو يختلف للفاعلين بحسب وجود شرائط الفعل وعدمها ووجود موانعه وعدمها ، وحيث ان لا شرط لجوده تعالى غير ذاته ولا مانع عن ارادته فكل ممكن ذاتا ممكن صدورا بالنسبة إليه تعالى ، فهو تعالى على كل شيء قدير ،.
ثم قد يطلق الاختيار على ترجيح جانب الفعل على الترك او ترجيح جانب الترك على الفعل ، وهذا الاختيار فى عرض الإرادة ، لا مقدم عليها ، وارادته تعالى نفس التحديد للشىء بالحد الماهوى على ما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى
واما حديث ان الفاعل اذا كان تاما يمتنع تخلف الفعل عنه فحق ، لكن الفاعل المختار باختيار ذاتى تام فى مقام الاختيار ، يفعل او لا يفعل بمقتضى اختياره طبقا لعلمه فالاختيار الذاتى يجعله دائما على الاستواء بالنسبة الى كل مقدور له ، والعلم هو المخصص لاحد الطرفين ، وجهل الغير بخصوصيات تعلقات علمه بافعاله ، ولم يفعل ذاك ولا يفعل ذلك؟ لا يوجب حكما منافيا لقدرته واختياره ، فهو بذاته العالمة المختارة يفعل