المعلول محفوف بالوجوبين على ما مر بيانه فى المسألة الحادية والثلاثين من الفصل الاول من المقصد الاول ، وهذا الكلام اشارة الى جواب عن الاعتراض الثالث ويأتى بيانه.
وحاصل الجواب عن الاعتراض الثانى ما قلنا فى آخر الحاشية الاولى من انه تعالى تام فى مقام الاختيار ، لا يحتاج الى شيء خارج عن ذاته ، ومن خواص الاختيار كون الترك والفعل فى وسعه دائما ، والمخصص لاحد الطرفين علمه الذاتى الّذي يقال له الداعى باعتبار تعلقه بالمصلحة ، فالوجوب باعتبار الداعى لا ينافى امكان الصدور باعتبار الاختيار.
ان قلت : فعلى هذا يجب الفعل وجوبا بالغير فى الازل اذ علمه بالمصلحة حاصل فى الازل ، فاين الحدوث حتى يستدل به على الاختيار قلت : ان الاثر مع ذلك فى اختياره ، والعلم لا يقتضي الايجاب مع الاختيار الذاتى لانه مخصص لاحد الطرفين دائما ، وحيث ان خصوصيات تعلقات علمه تعالى مخفية علينا فلا سبيل لنا الى الحكم بغير الاختيار فى هذا المقام بالبيان المتقدم ، واما القدم او الحدوث فلا ثباته طريق آخر ، ولا طريق الى اثبات الحدوث الا السمع القطعى.
قول الشارح : وبهذا التحقيق يندفع الخ ـ قد نقلنا ذيل النقد والتنبيه فى الحاشية الاولى عن المصنف فى تلخيص المحصل ان المتكلمين ينفون دوام الصدور عنه تعالى ، ويقول بعضهم بوجوب الصدور نظرا الى قدرته وارادته ، وينفى بعضهم وجوب الصدور عنه اصلا ويقولون انه تعالى يختار احد الطرفين المتساويين على الاخر لا لمرجح.
اقول : ان الّذي اختار المصنف هنا فى الجواب هو قول البعض الاول ، وهم المعتزلة ، والبعض الآخر هم الاشاعرة ، وعبر الشارح عنهم باكثر المتكلمين.
ثم اعلم ان ترجح احد المتساويين على الاخر ممتنع بلا خلاف ، ومناط الامتناع اجتماع المتقابلين لان التساوى والترجح على طرفى التقابل ، فلا يعقل صيرورة احد المتساويين مترجحا الا ان يخرج احدهما عن التساوى بامر خارج عن الماهية التى