وليس معنى العلم والتعقل الا حصول مجرد لمجرد ، وحصول الشيء لذاته اشد انحاء الحصول لان سلب الشيء عن نفسه ممتنع.
والى هذا اشار الشيخ فى الشفاء على ما حكى عنه صاحب الشوارق بقوله : فقد فهمت ان نفس كونه معقولا وعاقلا لا يوجب ان يكون اثنين فى الذات ولا اثنين فى الاعتبار أيضا فانه ليس يحصّل الامرين ( اى عنوان العاقل والمعقول ) الا اعتبار ان مهيته مجردة لذاته وانه ماهية مجردة ذاتها لها ، انتهى.
وعلى هذا اندفع الاشكال الّذي اورد على الجواب على ما حكاه الرازى فى الاربعين والشارح القديم فى شرحه بان تعلق العلم لو كان متوقفا على التغاير الاعتبارى لزم الدور لان اعتبار التغاير اى اعتبار كونه عالما ومعلوما يتوقف على تعلق العلم لان من دون تعلق العلم لا يتصور عالم ولا معلوم ، والجواب ان تعلق العلم اى علم الشيء بذاته لا يتوقف على التغاير الحقيقى ولا الاعتبارى ، بل هو حاصل بنفس الذات المجردة الحاصلة فى الوجود ، والمحصل لاعتبار كونه عالما ومعلوما انما هو اعتبار المعنيين فى ذات واحدة هما انه مجرد وان ذاته حاصلة له ، ففى الحقيقة لا تعلق ولا علم متعلق ولا توقف على اعتبار التغاير ، بل هنا شيء واحد هو عالم باعتبار انه مجرد ومعلوم باعتبار انه مجرد حاصل لنفسه وعلم باعتبار حصول مجرد لنفسه ، والحاصل ان ظهور المجرد لدى نفسه لا يحتاج الى شيء وراء ظهوره الّذي هو نفس وجوده ، وبهذا يكون هو مصداقا لمفاهيم العلم والعالم والمعلوم جميعا.
قول المصنف : ولا يستدعى العلم صورا الخ ـ ان كلام المصنف هذا جواب عن الاعتراض المذكور واشارة الى ما هو مختاره فى كيفية علمه تعالى بالاشياء فان فيها اختلافا كثيرا.
قول الشارح : بالماهيات المغايرة له ـ اى بما سواه تعالى من الماهيات والحقائق ، والوصف توضيحى لان الماهيات كلها مغايرة له تعالى ، وهؤلاء معترفون بانه تعالى عالم بذاته. فلازم مذهبهم انكار قاعدة ان العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول وانكار صدور الاشياء عنه بالاختيار والعناية.
قول الشارح : يستلزم تكثره تعالى ـ اى يستلزم حصول الكثرة فى ذاته