امر ونهى وخبر واستخبار ، سمى بالكلام النفسى ، يدل عليه هذا الكلام اللفظى ، وهو الكلام حقيقة ، واطلاق الكلام عليه وعلى اللفظى اما بالاشتراك او بالحقيقة والمجاز.
قال الشارح العلامة رحمهالله فى نهج الحق : والاشاعرة خالفوا عقولهم وعقول كافة البشر فاثبتوا له تعالى كلاما لا يفهمونه هم ولا غيرهم ، واثبات مثل هذا الشيء والمكابرة عليه مع انه غير متصور البتة فضلا عن ان يكون مدلولا عليه معلوم البطلان ، ومع ذلك فانه صادر عنا او فينا عندهم ولا نعقله نحن ولا من ادعى ثبوته.
اقول : اقرب ما قاله اتباع الاشعرى الى التصور فى هذا المقام ما ذكر القوشجى فى مبحث الكيفيات المسموعة بقوله : اقول المعنى النفسى الّذي يدعون انه قائم بنفس المتكلم ومغاير للعلم فى صورة الاخبار عما لا يعلمه هو ادراك مدلول الخبر اعنى حصوله فى الذهن مطلقا ، انتهى ، ومراده بالإطلاق شمول مدلول الخبر لما كان له واقع أم لا وما كان معه تصديق أم لا ، وانت ترى ان هذا أيضا تخرص كسائر ما قالوا حول هذا المدعى لان حصول مدلول الخبر فى الذهن ليس الا تصورات اطرافه وهو العلم التصورى وقد مر بعض الكلام فى ذلك فى مبحث المسموعات من الاعراض ، ومن اراد تفاصيل كلماتهم فليراجع شرح المواقف وشرح القوشجى فان الصواب ترك ذكر تلك الخرافات.
القول الثالث للحنابلة ، وهو على ما نقل اصحاب التأليف ان كلامه تعالى مركب من حروف واصوات يقومان بذاته وهو قديم ، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا : الجلد والغلاف أيضا قديمان فضلا عن المصحف ، وهذا القول غنى عن الابطال لان كل عاقل يعلم ان كل مركب حادث.
القول الرابع للكرامية : وهو ان كلامه تعالى حروف واصوات وسلموا انها حادثة لكنهم زعموا انها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث به تعالى ويرده ما يأتى فى المسألة السادسة عشرة من امتناع قيام الحوادث به تعالى.