مع ان ما به الامتياز الّذي به التشخص خارج عن ذات كل منهما وكل ما تشخصه خارج عن ذاته فهو محتاج فيه الى الخارج وكل محتاج ممكن ، ولا رابعة لهذه الصور ، فتعدد الواجب يستلزم تركبه وهو باطل وبطلان اللازم يستلزم بطلان الملزوم ، فالواجب الوجود بالذات واحد وهو المطلوب.
واعترض على هذا البرهان بان القسمة ليست حاصرة بل لها صورة رابعة لان الصورة الاولى تنقسم الى صورتين لان العارض على قسمين : المحمول بالضميمة كقولنا : الجسم ابيض فان صحة حمله عليه يتوقف على ضميمة البياض إليه فصدق الابيض على الجسم يستلزم تركبه مع البياض ، والمحمول من صميم ذات الموضوع كقولنا : الانسان ممكن فان صحة حمله عليه لا يتوقف على ضميمة امر من خارج ذات الانسان إليه بل الانسان من حيث هو انسان ينتزع من صميم ذاته معنى الامكان فيحمل عليه ، فصدق الممكن على الانسان لا يستلزم تركبه مع الامكان ، فلم لا يجوز ان يكون هناك هويتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بتمام الماهية يكون كل منهما واجب الوجود بذاته ويكون مفهوم وجوب الوجود منتزعا منهما مقولا عليهما قولا عرضيا بالمعنى الثانى فحينئذ لا يستلزم التركب وهذه هى الشبهة المعروفة المنسوبة الى ابن كمونة الّذي سماه القوم بافتخار الشياطين.
والجواب ان قياس الواجب والوجوب بالانسان والامكان صحيح فان مفهوم الوجوب منتزع من صميم ذات الواجب كما ان الامكان منتزع من صميم ذات الانسان وغيره من الممكنات ، لكن الانسان لو وجد له فرد آخر هل ينتزع منه مفهوم الامكان أم لا ، والجواب مثبت ، فاذا كان الانسانان مشتركين فى انتزاع مفهوم الامكان الّذي هو مفهوم واحد ومعنى فارد فهل يستلزم ذلك اشتراك ذاتيهما فى امر واحد حتى ينتزع المفهوم الواحد عن الامر الواحد أم لا ، والجواب مثبت ، لان المفهوم الواحد كيف ينتزع من امرين متباينين بالكلية ، وهذا بين بل فطرى ، ولان