والامتياز لا يتحقق الا بانضمام الامور المتخالفة إليه ، ولان التكثر لو كان بذاته امتنع تحقق الشيء لانك كل ما فرضت منه فى الخارج امتنع ان يوجد الا بوصف الكثرة فتحقق الواحد منه ممتنع فتحقق الكثير أيضا ممتنع لانه يمتنع ان يوجد من دون الواحد وبيان هذا البرهان بوجه اوضح واخصر ان يقال : ان الواجب تعالى صرف الوجود وصرف الوجود اما ان يقتضي الوحدة فهو المطلوب ، واما ان يقتضي الكثرة فيلزم امتناع تحققه فى الخارج بالبيان المذكور ، واما لا يقتضي الكثرة ولا الوحدة فيلزم كونه معللا بالغير فى وحدته وكثرته والمعلل ممكن.
الرابع ان الواجبين يشتركان فى الحقيقة لان الوجوب لو كان عرضيا فى الشيء لكان ممكنا ، ولا شبهة انهما لقضاء الاثنينية لا بد لهما مما يمتاز كل منهما عن الاخر ، ولا يمكن الامتياز بنفس ما اشتركا فيه ولا بالجزء للزوم التركيب ولا بلازم الحقيقة للاشتراك كالحقيقة ، فلا بد ان يكون بامر خارج عارض ، فيكون كل منهما معللا فيه
الخامس ان الواجبين لا بد ان يكون كل منهما واجدا لما يفقده الاخر لقضية الامتياز ، فما يجده احدهما دون الاخر ان كان كما لا من سنخ الوجود فالآخر الفاقد له ناقص وان كان نقصا من سنخ العدم فهو نفسه ناقص ، والناقص ليس بواجب.
السادس ان كل كثير مسبوق بالواحد ولا شيء من الواجب بالذات مسبوق بالواحد لان المسبوق بالواحد ممكن فلا شيء من الكثير بالواجب بالذات ، وينعكس الى انه لا شيء من الواجب بالذات بكثير.
السابع انه لو كان فى الوجود واجبان فاما ان يقترن باحدهما هوية مميزة أم لا ، والثانى باطل اذ لا يعقل الاثنينية من دون مميز ، والاول اما ان يكون المميز من ذاته فلا اثنينية أيضا لعدم الامتياز لان الذاتى مشترك بينهما لانهما معا واجبان ، واما ان يكون من خارج ذاته فيلزم امكانه لان ما يكون تميزه وتعينه من الخارج فهو معلل.