منشأ فى ذاتيهما جامع بينهما.
ان قلت : ان اشتراك الواجبين فى الوجود والشيئية ان استلزم تركب كل منهما فالواجب مشترك مع الممكن فيه أيضا فيلزم تركب كل من الواجب والممكن لقضية الامتياز بغير ما اشتركا فيه مع ان الواجب ممتنع فيه التركيب ، قلت : ان الامتياز بينهما لا يستلزم تركب الواجب لان امتياز الممكن عن الواجب بالماهية المستلزمة لتحدده فلا يلزم تركيب الواجب لانه منزه عن هذه الماهية بخلاف الواجبين فان الامتياز بينهما ان كان بالماهية او بشيء آخر فى احدهما لزم تركبه فلا يكون واجبا وان كان الاخر منزها عن ذلك.
البرهان الثانى ان الواجب الوجود موجود لما مر فى الفصل الاول وكل موجود متعين لا محالة ، ثم ان تعينه اما لذاته بمعنى ان ذاته تقتضى هذا التعين واما لغيره بمعنى ان تعينه هذا معلول له ، فالاول يقتضي امتناع ان يكون له ثان وهو المطلوب لان تعين الشيء يختص به ويمتنع الاشتراك فيه لان فردية كل فرد ووحدته الملازمة لوجوده فى الخارج انما هى بتعينه ، فلو كان تعينه مقتضى طبيعته وحقيقته امتنع ان يوجد فرد آخر من تلك الطبيعة فى الخارج لانه لو وجد وجد ذلك التعين فيه بحكم الاقتضاء فيقع الاشتراك فى التعين وهو محال ، والثانى يقتضي ان يكون الواجب الوجود معلولا لغيره للملازمة بين الوجود والتعين وهذا خروج الواجب عن كونه واجبا ، وهو خلف.
الثالث ان الواجب الوجود تعالى صرف الوجود وكل ما هو صرف الوجود يمتنع ان تعرضه الكثرة فالواجب الوجود يمتنع ان تعرضه الكثرة فهو واحد ، اما الصغرى فلان الواجب لو كان ماهية عرضها الوجود لاحتاج فى ذاته الى سبب العروض والمحتاج ممكن ، واما الكبرى فلان عروض الكثرة اما بغيره واما بذاته وكلاهما محال ، اما الاول فلاستلزامه كون الواجب معللا فيما يجعله كثيرا وكل ما هو محتاج فى شيء الى غيره ليس بواجب ، واما الثانى فلان صرف الشيء وجودا كان او ماهية بل العدم كذلك لا يمكن ان يتكثر بذاته من دون انضياف شيء إليه لان معنى التكثر وجود الافراد له والافراد لا توجد الا بامتياز بعضها عن بعض