لسريانه تعالى فى كل شيء بنوره الذاتى المقدس عن التجزى والانقسام والحلول فى الارواح والاجسام ، وقال ابن الفارض فى التائية الكبرى من ديوانه :
متى حلت عن قولى انا هى او اقل |
|
وحاشا لمثلى انها فىّ حلت |
وقال فيها بعد ابيات :
ولى فى اتم الرؤيتين اشارة |
|
تنزه عن راى الحلول عقيدتى |
وقال المولى صدر الشيرازى فى المشاعر بعد ان اثبت ان الوجود بالحقيقة هو الواحد الحق المتعال فكل ما سواه بما هو مأخوذ بنفسه هالك دون وجهه الكريم : اياك ان تزل قدمك من استماع هذه العبارات وتتوهم ان نسبة الممكنات إليه تعالى بالحلول والاتحاد ونحوهما ، هيهات ان هذه تقتضى الاثنينية فى اصل الوجود الخ ، وغير ذلك من كلمات القوم فى زبرهم ، ثم لا يخفى ان الدليل المذكور فى كلام الشارح رحمهالله ينفى هذا المعنى فقط.
الثانى ان تكون الممكنات قائمة بوجوده الواجبى الّذي هو عين ذاته تعالى بحيث لم يكن لها وجود اصلا الا وجوده تعالى متحددا بحدود الامكان متصفا بلوازمه من التحول والتغير والسكون والحركة والتعدد والزيادة والنقصان وغيرها من لوازم المحدودية والامكان ، وليس الوجود الا لحدوده ولا الحدود الا لوجوده ، وليس فى الدار غيره ولا اثر ولا صفة ولا حالة الا له ، وهو بنفسه حق وهو بنفسه خلق ، وهو فى مرتبة الاطلاق وجود لا بشرط وهو فى مرتبة التقييد يجتمع مع كل شرط ويتقيد بكل حد ، وهذا مذهب الصوفية على ما ترس كتبهم.
قال ابو المعالى صدر الدين محمد بن اسحاق القونوى فى المقام التاسع من الفصل الاول من مفتاح الغيب فى مبحث نسبة صفات الحق إليه باعتبار تعلقه بالمظاهر وفى كتاب النصوص : ومتى ادرك او شوهد او خاطب او خوطب فمن وراء حجاب عزته فى مرتبة نفسه المذكورة بنسبة ظاهريته وحكم تجليه ومنزل تدليه من حيث اقتران وجوده التام بالممكنات وشروق نوره على اعيان الموجودات ، وليس غير ذلك ، وهو سبحانه من هذا الوجه اذا لمح تعين وجوده مقيدا بالصفات اللازمة لكل متعين من الاعيان