فالواجب اذ هو ذاته حقيقة الوجود فانما هى حقيقة العلم ، وكذا غيره.
المذهب الثانى هو قول ابى الحسن الاشعرى واتباعه تبعا لسلفهم المسمين بالصفاتية وقول الكلابية اتباع عبد الله بن محمد بن كلاب القطان ، وهو ان صفاته تعالى معان ازلية زائدة قائمة بذاته تعالى ، والمعنى اصطلاح لهم فى الصفة ، وصرحوا كما فى شرح العقائد النسفية بان هذه الصفات ليست بعرض ولا مستحيلة البقاء ولا ضرورية ولا مكتسبة ، ومعتمدهم فى هذا القول امور أقواها انه قد ثبت بالكتاب والسنة والعقل والاجماع انه تعالى عالم قادر حي الى غير ذلك من الصفات ، وليست هذه الفاظا مترادفة بل يدل كل منها على معنى غير معنى الآخر وغير معنى الواجب والموجود ، وكل ما صدق عليه المشتق لا بدّ ان يكون مبدأ الاشتقاق قائما به ، فثبت ان كلا من هذه الصفات قائمة به ، والجواب منع الكبرى لامكان ان يكون نفس الذات مبدأ الاشتقاق فيصدق المشتق من دون الحاجة الى قيام مبدأ الاشتقاق بالذات كصدق الابيض على البياض والنير على النور والمعدوم على العدم والمظلم على الظلمة والموجود على الوجود ، بل الصدق الحقيقى الواقع فى محله هو صدق المشتق على مبدأ الاشتقاق مطلقا لان صدق الابيض على الجسم وصدق الموجود على الماهية انما هو بالعرض والواسطة لا بالذات ، وصدقهما على البياض والوجود بالذات اذ لولاهما لم يصدقا عليهما ، فصدق المشتق على شيء لا يستدعى ذاتا يقوم بها المبدأ ، بل يستدعى تحقق المبدأ باى نحو كان ، فبالنظر الى الدلائل التى ذكرناها على عينية صفاته لذاته ثبت ان صدق هذه المشتقات عليه تعالى من الضرب الثانى ، نعم ان قول المعتزلة كما يأتى مردود لانهم لا يقولون بالقيام ولا بالعينية ، فالمفهوم عندهم ليس له مصداق اصلا.
ثم ان الفخر الرازى من ائمة الاشاعرة خالف اصحابه فى هذه المسألة فقال فى الاربعين : اعلم ان اكثر الناس يخبطون فى تعيين محل النزاع فى هذه المسألة ، وتحقيق الكلام ان نقول : ان كل من علم امرا من الامور فانه لا بدّ ان يحصل بين العالم وبين المعلوم نسبة مخصوصة واضافة مخصوصة ، وهذه الاضافة هى التى يعبر عنها المتكلمون بالتعلق فيقولون العلم متعلق بالمعلوم ، وعندنا ان العلم عبارة عن نفس