قيل : فهل المباح حسن ، قلنا : ان كان الحسن عبارة عما لفاعله ان يفعله فهو حسن وان كان عبارة عما امر بتعظيم فاعله والثناء عليه او وجب اعتقاد استحقاقه للثناء ، والقبيح ما يجب اعتقاد استحقاق صاحبه للذم والعقاب فليس المباح بحسن ، انتهى
ثم ان انقسام الحسن الى الاربعة انما هو باعتبار ما حكم به الشارع ، واما حكم العقل مع قطع النظر عن الشرع فهو باعتبار ما يدرك من المصلحة فيحكم بالحسن وما يدرك من المفسدة فيحكم بالقبح ، ومع خلو الفعل عنهما عنده لا يحكم بشيء ثم انه يحكم بوجوب الفعل نظرا الى وجود الداعى وبقبحه نظرا الى عدمه ، فحيث انه تعالى على ما عليه العدلية يحكم العقل على افعاله فلا حكم له فيها الا بالوجوب مع وجود الداعى وبالقبح مع عدمه ، فليس هذا الانقسام فى افعاله تعالى ، وسيأتي فى ذلك كلام فى المسألة الثانية إن شاء الله تعالى.
ثم ان هذا التقسيم لا يتأتى على مذهب الاشاعرة لانهم على اصلهم ينكرون الاختيار ويقولون كل فعل من كل احد هو فعل الله تعالى وكل ما فعله الله تعالى فهو حسن فكل فعل من كل احد فهو حسن ، والالتجاء الى القول بالكسب لا ينفعهم شيئا كما يأتى تفصيل ذلك فى المسألة السادسة إن شاء الله تعالى.
قول المصنف : وهما عقليان الخ ـ اعلم ان البحث فى مطلق الفعل لا خصوص فعله تعالى او فعل العبد كما يظهر من بعض ، فان المدعى ان كل فعل من حيث هو فعل يتصف بالحسن او القبح سواء تعلق تجويز شرع به او منعه أم لا ، وسواء ادرك عقولنا جهة الحسن او القبح أم لا ، وسواء كان الله تعالى فاعلا او العبد.
ثم اختلفوا فى جهة الحسن والقبح ، هل هى ذات الفعل او صفة ذاتية له او وجوه واعتبارات او احدها او احد الاولين او احد الآخرين ، فعلى الاولين يصح ان يقال : الحسن او القبح الذاتى والعقلى معا بمعنى ان فى ذات الفعل بذاته او بصفة ذاتية له ما يقتضي حسنه او قبحه وان العقل يدرك ذلك ويحكم بالحسن او القبح ، واما على الوجوه والاعتبارات فلا يصح توصيف الحسن او القبح بالذاتى ، بل بالعقلى فقط بمعنى ان العقل