لم يأكلا ولو اكلا لغلبت مشيتهما مشية الله ، وامر ابراهيم بذبح ابنه اسماعيل وشاء ان لا يذبحه ، ولو لم يشأ ان لا يذبحه لغلبت مشية ابراهيم مشية الله عز وجل ، الحديث ، ولم يفهم الاشعرى كلامه عليهالسلام.
وإيضاح المطلب ان ارادته التكوينية والتشريعية قد تتخالفان وقد تتوافقان وانه لا ملازمة بين ارادته تعالى لشيء من افعال العباد وبين امره به ، ولا ملازمة بين عدم ارادته لشيء منها وبين نهيه عنه ، بل قد يريد شيئا منها مع نهيه عنه وقد لا يريده مع امره به كما فى قصة آدم وابراهيم عليهماالسلام ، ولكن ارادته لشيء من افعال العباد لا تكون الا بالاسباب التى منها إرادة العبد مع انه مخلى فى مقام ارادته لا ملجأ ولا ممنوع كما مر بيانه ، فان تمّ سائر الاسباب بإرادة الله تعالى وكان الفعل طاعة واختار العبد جانب الفعل فهو توفيق من الله عز وجل للطاعة بوجود سائر الاسباب فعلى العبد حمده تعالى ، وان اختار العبد جانب الترك فهو حرمان من قبل نفسه لان الله تعالى قد هيّأ اسباب الطاعة وهو تركها باختياره ولله عليه الحجة ، وان كان الفعل معصية واختار العبد جانب الفعل كان قد ضيع نعم الله حيث صرفها فى معصيته وكان لله عليه الحجة حيث خالف نهيه فان عذبه فبعد له وان عفا عنه فبكرمه كما فى قصة آدم عليهالسلام ، وان اختار جانب الترك فذلك نوع من العصمة من الله تعالى اذ قوى عقله بنور العلم والايمان فغلب به على هواه ، وان لم يتم سائر الاسباب لم يرده الله فالعبد غير فاعل قهرا فان كان الفعل معصية كان ذلك نوعا آخر من العصمة من الله فله المنة عليه اذ من الممكن ان يرتكبها عند تمام الاسباب ، وان كان طاعة فذلك حرمان من الله تعالى به من دون مؤاخذة اذ هو معذور مع فقد اسباب الطاعة بل مأجور ان كان فى عزمه ان يفعلها كما فى قصة ابراهيم عليهالسلام او لطف بالعبد اذ من الممكن ان يتركها لو تمت له الاسباب.
والشاهد من الحديث لما بينت ما روى عن النبي صلىاللهعليهوآله والائمة الطاهرين صلوات الله عليهم كما فى الكافى باب المشية والإرادة وباب الجبر والقدر والامر بين الامرين وفى توحيد الصدوق باب المشية والإرادة باسانيد ، والمذكور هنا باحدها ، وهو ما عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : قال الله عز وجل : يا ابن آدم بمشيتى كنت انت الّذي