تشاء لنفسك ما تشاء وبإرادتي كنت انت الّذي تريد لنفسك ما تريد وبفضل نعمتى عليك قويت على معصيتى وبعصمتى وعفوى وعافيتى ادّيت الى فرائضى ، فانا اولى باحسانك منك وانت اولى بذنبك منى ، فالخير منى أليك بما اوليت بداء والشر منى أليك بما جنيت جزاء ، وبسوء ظنك بى قنطت من رحمتى ، فلى الحمد والحجة عليك بالبيان ولى السبيل عليك بالعصيان ، ولك الجزاء الحسنى عندى بالاحسان ، لم ادع تحذيرك ولم آخذك عند غرتك ولم اكلفك فوق طاقتك ولم احملك من الامانة الا ما قدرت عليه ، رضيت منك لنفسى ما رضيت به لنفسك منى ، انتهى فلا جبر لان العبد مخلى فى مقام ارادته ، ولا تفويض لان الاسباب ليست بيده ، بل امر بين الامرين ، هذا ما استفدناه من مدرس اهل بيت الوحى صلوات الله عليهم موافقا للعقول السليمة المستقيمة ، وسيأتى باقى الكلام فى المسألة السادسة إن شاء الله تعالى.
قول الشارح : الثالثة قالوا كل ما علم الله تعالى الخ ـ بيان ذلك ان الله تعالى عالم ازلا مطلقا بكل ما يقع وما لا يقع جزئيا كان او كليا وانه تعالى اذا علم وقوع شيء وجب الوقوع واذا علم عدم وقوع شيء امتنع الوقوع والا لزمه الجهل تعالى عن ذلك ، ولا نزاع فى هاتين المقدمتين ، فاذا علم وقوع الكفر والعصيان من الكافر وجب منه واذا علم عدم وقوع الطاعة والايمان منه امتنع منه ، والمقدم حق والتالى لازمه ، فاذا كان الوقوعان واجبا وممتنعا استحال ان يريدهما العبد ويأتى بهما ، ولو لم يستحل لكان مريدا لما يمتنع وجوده وما وجب وجوده مع ان الإرادة لا تتعلق الا بالممكن المتساوى طرفاه ، فالعبد لا يتعلق ارادته بما يصدر منه طاعة كان او معصية وهذا ما فى الحديث التاسع من الباب الثانى فى توحيد الصدوق من كلام الرضا عليهالسلام : الخلق الى ما علم منقادون وعلى ما سطر فى المكنون من كتابه ماضون ولا يعملون خلاف ما علم منهم ولا غيره يريدون ، والجواب ان قولكم : انه تعالى اذا علم وقوع شيء وجب واذا علم عدمه امتنع ان اردتم الوقوع وعدم الوقوع بنفس العلم فهو خرص وجهل ، وهذا معنى قول الشارح : والعلم تابع لا يؤثر ، وان اردتم الوقوع وعدم الوقوع بالاسباب وعدم الاسباب التى هى أيضا بيد الله تعالى مع تقدم علمه على الاسباب