لجعد بن درهم الّذي قتله خالد بن عبد الله القسرى سنة ١٢٤ على الزندقة والالحاد ، وقال الشهرستانى : جهم بن صفوان ظهرت بدعته بترمذ ، وقتله سلم بن احوز المازنى بمرو فى آخر ملك بنى امية ، اقول : العاقل لا يتكلم فى هذه المقالة.
المذهب الثالث لاكثر الجبرية وهو ان العبد متصف بقدرة وإرادة وفاعل لافعاله بمعنى الكاسب لها ، ولكن الله تعالى خالق لافعال العبد بقدرته تعالى وارادته ، وهؤلاء بعد اتفاقهم فى هذا القول ردا لجهم بن صفوان لان التفرقة بين افعال الجمادات وافعال الانسان ضرورية لا ينكرها العاقل افترقوا فقال بعضهم : لا تأثير لقدرة العبد وهو ملجا فى مقام قدرته وارادته ، والفعل واقع بقدرة الله تعالى وحدها ، وهو تعالى جرت عادته بخلق قدرة وإرادة فى العبد مقارنة للفعل الّذي يخلقه فيه ، والعبد محل لما يخلقه الله تعالى فيه من دون دخل وتأثير له فى شيء ، وسموا هذه المقارنة بالكسب ، وقالوا : العبد كاسب للفعل ، وهذا مذهب ضرار بن عمرو والحسين بن محمد النجار وحفص الفرد وابو الحسن الاشعرى واتباعه الى اليوم ، وغير خفى على العاقل ان هذا ليس غير ما ذهب إليه جهم بن صفوان ، لكن ذاك المسكين ابدى عقيدته لا فى ملأ العلماء ، وهؤلاء قالوا فى ملئهم فواجهوا انكارهم وتسخيفهم ، وزادوا على ما قال ان العبد فاعل وكاسب وله قدرة وإرادة والله تعالى خالق ، وهل يجد عاقل بين الخلق والفعل فرقا الا فى الحروف ، وقولهم : الخالق من اوجد الفعل والفاعل من قام به الفعل اختراع غير معقول كسائر اختراعاتهم لا يساعده اللغة ولا العرف ولا غيرهما ، وهل يجيز عاقل لنفسه : ان يقول : ان المقارنة التى ليست بيد العبد وليست الا امرا اعتباريا من مقولة الاضافة لا بإزائه شيء فى الخارج كسب له وفعل له ، وهل يتصور ان يكون قدرة وإرادة فى محل بدون تأثير اصلا وابدا ، وقال بعض آخر منهم وهو القاضى ابو بكر الباقلانى ومن تبعه : ان لقدرة العبد تأثيرا ، لكن فى عنوان الفعل من كونه صلاة أو زنا او شربا او اكلا ، لا فى ذات الفعل وحقيقته التى هى حركة صادرة من الجوارح فانها بقدرة الله تعالى وحدها فان للفعل حيثيتين ذاته وصفة هى عنوان الفعل ، والكسب هو وقوع صفة الفعل وعنوانه بقدرة العبد ، وهذا الرجل خرص فى قوله هذا لان