والقفار وفهم بعضها عن بعض منطقها وما تفهم به اولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ، وكاهتداء الشمس والقمر والنجوم فى مسيرها صيفا وشتاء ، اوجا وحضيضا وغيرها ، وكاهتداء الملائكة الى ما امروا به من التدبير والنزع والقاء الذكر والتنزل بالامر وغيرها ، ولا يشذ عن هذه الهداية موجود فانه تعالى خلق ما خلق ودبر امره ، والضلالة فى هذه المرحلة بالاعدام او بالتصادم وهو فى السفليات لانه تعالى لا يسلك بموجود على خلاف ما خلق له ويصلح به ، والى هذه الهداية الاشارة بقوله تعالى : ( قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى ) ، وبقوله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ) ، وفى الروايات لها شواهد وبيانات.
المرحلة الثانية هداية العقل فانه تعالى كرّم بالعقل الهادى المنير بعض خلقه من العالين والسافلين ، ومعلوم ان لواجد العقل كما لا ليس لفاقده ، ويهتدى به الى امور لا يهتدى هو إليها ، والضلالة فى هذه المرحلة بعدم اعطاء العقل كالنبات والحيوان او بزواله بآفة كالمجنون الآدمى ، ولكنه ليس بقبيح اذ ليس فيه منع استحقاق مع ان المجنون لا يكلف بشيء ويعود عاقلا يوم المعاد ، او بعدم الجرى على مقتضاه ومستدعاه اختيارا وهذا من العبد ، وإليه الاشارة بقوله تعالى : ( أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) ، وبقوله تعالى : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ).
المرحلة الثالثة هداية الدعوة بالرسل والكتب والأوصياء والعلماء ، وهى عامة لكل عاقل له داع على خلاف داعى العقل من الجن والانس وغيرهما ان كان ، سواء قبل الدعوة أم لم يقبل ، والضلالة فى هذه المرحلة من العبد فحسب لعدم جريه على ما اوجب عليه العقل من الفحص عن احوال الداعى والنظر فى دعوته وما يقرن بها من البينات والمعجزات وترك العناد واللجاج فى قباله ، وإليها اشير بقوله تعالى : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).