اخبرنى عن الله عز وجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا ، قال عليهالسلام : لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب لان الطاعة اذا ما كانت فعلهم ولم تكن جنة ولا نار ، ولكن خلق خلقه فامرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته واحتج عليهم برسله وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ويستوجبون بطاعتهم له الثواب وبمعصيتهم اياه العقاب.
ان قلت : ان التعظيم والمدح قبيح من دون الاستحقاق ، واما نفس النعم الاخروية ان اعطاها الله تعالى عباده من دون التعظيم والمدح فلا كما ابتدأ تعالى بالنعم قبل استحقاقها فى هذه الدار ، وأيضا ما حال من يدخل الجنة بالشفاعة مع ان الاخبار الكثيرة ناطقة بان كثيرا ممن شملتهم الشفاعة مستحقون للنار ، هل هو معظم ممدوح فى الجنة أم منعم فقط ، وما حال من يدخل الجنة بعد لبثه فى النار احقابا هل هو كذا أم كذا ، وأيضا نقل العلامة المجلسى رحمهالله فى البحار باب النار من كتاب المعاد عن تفسير القمى ذيل آية يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ، قال : هو استفهام لانه وعد الله النار ان يملاها فتمتلى النار ، ثم يقول لها : هل امتلأت وتقول هل من مزيد على حد الاستفهام ، اى ليس فىّ مزيد ، قال : فتقول الجنة : يا رب وعدت النار ان تملأها ، ووعدتنى ان تملأني ، فلم لا تملأني وقد ملأت النار ، قال : فيخلق الله يومئذ خلقا يملأ بهم الجنة ، فقال ابو عبد الله عليهالسلام : طوبى لهم انهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها.
قلت : ان الله تعالى اراد ان يكون الانسان على اشرف المقامات واعلى الدرجات بالاستحقاق من قبل اختيارهم وذلك لا يمكن الا من طريق التكليف وجعلهم فى معرض ذلك كما مر فى الحديثين ، ومن لا يصل الى شيء من ذلك او يصل الى بعض الدرجات دون بعض بالاستحقاق او بتفضل من الله او بشفاعة ولى من اولياء الله فهو لقاطع من نفسه او من غيره انقطع عن الوصول الى الغاية ، فامكان ان يكون قوم من الآدميين او غيرهم فى الآخرة منعمين فقط او مع قسط من الاكرام لا يستلزم ان يترك الله تعالى ما اراده للنوع الانسانى وان حصل ذلك لبعض ، وان كان مذهب المعتزلة الا الجبائى