قول المصنف : وهو منقطع للاجماع ـ ذكر المفيد رحمهالله فى اوائل المقالات كلاما فى فصول فى ان اهل الآخرة هل هم مأمورون او غير مأمورين ، وهل هم مكلفون او غير مكلفين ، وهل هم مختارون لافعالهم أم مضطرون أم ملجئون ، وهل يقع منهم قبيح من الافعال أم لا ، وذكر اختلاف الاقوام فيها.
اقول : ان المستفاد من الآيات والاخبار ان اهل الجنة مختارون فى افعالهم فاعلون لها بالارادة اعلاها بل ارادتهم كارادة الله تعالى فى عدم الفصل ، ولا يفعلون القبيح لغناء هم عنه ، ولا يؤمرون ولا ينهون بما يثقل عليهم ولا تطيب به نفوسهم ، بل هدوا الى ما تطيب وتلتذ به نفوسهم من ذكر ربهم ومناجاته وعبادته والتحيات الحسنة بين انفسهم ، واما اهل النار فليس لهم اختيار فى شيء الا التكلم بعض الاحيان باذن الله تعالى ، ولا يمتنعون عن الكذب لقوله تعالى : ( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) ، وهذا يدل على انهم لو كانوا مختارين فى افعالهم لم يمتنعوا عن غير الكذب من القبائح ، واما قوله تعالى : ( لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ) فليس هذا الاكل والشرب على سبيل الاختيار والاشتياق لانهم يعذبون به ولو كان كذلك لامتنعوا منه ، بل يكون بالالجاء بان يفعل ذلك بهم فى بطونهم او الاكراه بان يحملوا على ذلك قهرا او الاضطرار بان يشتد الم الجوع والعطش فيهم حتى يرضوا بذلك الاكل والشرب واذ ليس لهم اختيار فلا امر ولا نهى ، وسيأتي إن شاء الله فى المسألة السادسة من المقصد السادس بعض الكلام فى ذاك.
قول الشارح : ولا بد من تراخ الخ ـ هذا اشارة الى السؤال والحساب والميزان قبل دخول الجنة والنار ، وان لم يكن ذلك وادخل الله الناس الجنة على تفاضل درجاتهم وادخلهم النار على اختلاف دركاتهم لزم الجاؤهم فى ذلك واما مع الحساب فيتعين عند كل احد مقدار ثوابه او عذابه واصلهما.
قول المصنف : وعلة حسنه عامة ـ اى عامة لتكليف الناس من اجتمع