استدلال النافين للعوض مطلقا كما ذكرنا فى بيان الحديث الّذي استدلوا به ، على ان كون جرح العجماء جبارا لا يدل على ان مطلق اضرارها جبار.
قول الشارح : وعن الثالث بالفرق الخ ـ اى الجواب عن قياس قاضى القضاة وصورة قياسه ان صانع السيف يعطى السيف لمن يتمكن به عن القتل ، والله تعالى يعطى قوة الافتراس للسبع الّذي يتمكن بها من القتل ، فلو كان عوض ما فعله السبع على الله تعالى لزم ان يكون عوض ما فعله الّذي بيده السيف على صانعه ، والجواب ان القياس مع الفارق لان السبع غير عاقل ولا مكلف ولا ممنوع من الافتراس بخلاف من بيده السيف ، وأيضا ان الله تعالى جعل القوة فى السبع ليفعل ما يكون به سد جوعه ، وصانع السيف لا يعطى من يبيعه ليقتل من اراده.
قول المصنف : بخلاف الاحراق الخ ـ هذا اشارة الى بيان فرض ان يكون الممكن عاقلا مكلفا ، او له ولى سواء كان الممكن عليه عاقلا او غير عاقل ، فالعوض حينئذ عليه لا على الله تبارك وتعالى.
اقول : ليس كل من الملقى والشاهد علة تامة لايصال الالم ولا قادرا على التعويض بما يرضى به المتألم ويختار معه الالم ، فوجوب العوض عليهما يستلزم اما الظلم بالمتالم او تكليفهما بما لا يطاق ، مع ان هذا خلاف ما فى الروايات بإطلاقها من وعد الاعواض لكل من يصاب من المؤمنين ببلية ، نعم على الملقى فى النار غيره وشاهد الزور وامثالهما حد او دية او قصاص ، لكنه ليس بعوض بالمعنى المبحوث عنه فى الكلام لان ذلك ليس فى اكثر الموارد نفعا يحصل للمظلوم ويرضى به.
قول المصنف : والانتصاف عليه تعالى الخ ـ الانتصاف هو اخذ العوض من الظالم للمظلوم بما يوازى ظلمه به لا ازيد ولا انقص فى الدنيا او فى الآخرة.
اقول : لما قال المصنف ان عوض الآلام المستندة إلينا يجب علينا لا عليه تعالى اشار الى ان الواجب عليه تعالى حينئذ هو اخذ هذا العوض من الظالم ودفعه الى المظلوم ثم فرع عليه ان تمكين ظالم ليس له فى حال الظلم هذا العوض قبيح ليس بجائز لانه تعالى لا يمكنه الانتصاف حينئذ مع انه واجب عليه تعالى ، وابو هاشم منع لزوم