او صنعة احدثت لرفاه عيش الآدميين فكان اصلها بارشاد نبى من الأنبياء صلوات الله عليهم ، وهذا غير خفى عند المتتبع فى التواريخ ، وسر ذلك ان احداث البديع العلمى من الانسان يحتاج الى الانبعاث الفكرى ، والانبعاث الفكرى انما هو بهداية المتصل بالعالم الروحانى لان المنقطع عن ذلك العالم المنغمر فى العالم المادى لا ينبعث فكره نحو الكمال ، بل يقتصر على ما يقضى به وطر شهوته وغضبه ، والمتصل به هو نبى او وصيه ، فالسالك سبيل الكمال اى كمال كان لا بد ان يكون متصلا بعالم الروح والقدس او يتمسك بالمتصل به.
قول الشارح : ومنها ان مراتب الاخلاق الخ ـ اعلم ان من اهم فوائد البعثة تزكية احوال النفوس لتصير مشابهة بالروحانيين الملكوتيين وقابلة للابتهاجات واللذات الباقية الخالصة الاخروية ، ثم الاحوال اما للشخص واما لاهل البيت والمنزل واما لاهل المدينة ، ووضع للاول علم تهذيب الاخلاق وللثانى علم تدبير المنزل وللثالث علم سياسة المدن ، ويطلق على الثلاثة الحكمة العملية ، والحكماء قبل الاسلام دونوا فى ذلك كتبا وصلت الى خلفهم بعد الاسلام ، ولكن الشريعة المحمدية صلوات الله تعالى على شارعها وحافظها جاءت بما اضمحل فى جنبه ما قرره السلف من اهل الحكمة والعرفان ، ودوّن علماء الاسلام منه كتبا وجمعوا ما انتشر من ذلك فى كلمات اصحاب الوحى عليهمالسلام حتى ظهر عند اولى الالباب حقيقة قوله صلىاللهعليهوآله : بعثت لاتمم مكارم الاخلاق.
ثم ان قول المصنف : وتكميل اشخاصه اشارة الى الاول ، وقوله : والاخلاق اشارة الى الثانى اى بحسب منزله كما فى كلام الشارح ، وقوله : والسياسات اشارة الى الثالث.
قول الشارح : فيحصل للمكلف اللطف الخ ـ تفريع على الجميع.
قول المصنف : وشبهة البراهمة باطلة الخ ـ اعلم ان لهم شبهات كما فى الملل والنحل للشهرستانى والاربعين للرازى وغيرهما ، لا بأس بذكرها والجواب عنها.