وبالجملة لو كانت هذه المسألة من الفروع لما وقع هذا التشاجر والتنازع والتحارب والتلاعن بين الطرفين ولما حكم بعض اهل السنة باباحة قتل الشيعة ولما وقع عملهم بذلك وتحريك عوامهم وامرائهم على قتل علماء الشيعة وصلحائهم وعلى اثارة الفتن والافساد من اوّل الامر الى اليوم على ما هو مسطور فى التواريخ وكتب الوقائع ، بل كانت كالفروع المهمة من الحج والصلاة واجزائهما وشرائطهما كافيا فيها ظن المجتهد او تقليد الغير ولم يكن سبيل الى تخطئة المجتهد الّذي ظن او قال فيها شيئا على خلاف ما قال الآخر فضلا عن تكفيره والحكم باباحة قتله ، هذا كله على ان بعضا منهم صرح بانها من الاصول.
قال القاضى السعيد الشهيد التسترى فى احقاق الحق : قد صرح القاضى البيضاوى فى مبحث الاخبار من كتاب المنهاج وجمع من شارحى كلامه بان مسألة الامامة من اعظم مسائل اصول الدين الّذي مخالفته توجب الكفر والبدعة ، وقال الاسروشنى من الحنفية فى كتابه المشهور بينهم بفصول الاسروشنى بتكفير من لا يقول بامامة ابى بكر ، انتهى.
فليس بالمكان قول بعض ارباب التأليف منهم بانها من المسائل الفرعية واسناد ذلك الى اهل السنة والاشاعرة كصاحب المواقف والفضل بن روزبهان.
ثم ان معنى كونها من الاصول هو وجوب الاعتقاد بامامة احد فى كل عصر يرضى الله تعالى بوصايته وخلافته عن النبي صلىاللهعليهوآله فى جميع ما كان للنبى الا النبوة ولاية فيه على العباد ، وهؤلاء لا يمكنهم هذا الاعتقاد فى احد من خلفائهم ، ومعنى كونها من الفروع هو وجوب نصب احد للرئاسة على الامة والزعامة فيهم بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، وهذا الوجوب عند القائل به كفائى تخييرى لان اختيار فرقة بل احد احدا يكفى من اختيار الباقين ونصب كل احد يقوم مقام نصب آخر ، فاذ قيل لهم : لم اخترتم هذا دون ذاك ولم عزلتم سائر المسلمين عن ذلك فالجواب كان ينتهى الى اثارة الفتن الموجبة لهدم اساس الشريعة ومحو آثاره الّذي لم يكن يرضى به الله عز وجل