فى حجر ابيه فقلت : اخبرنى يا مولاى عن العلة التى تمنع القوم من اختيار امام لانفسهم ، قال : مصلح او مفسد؟ قلت : مصلح ، قال : هل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم احد ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد ، قلت : بلى ، قال : فهى العلة ، ايدتها لك ببرهان يقبل ذلك عقلك ، قلت : نعم ، قال : اخبرنى عن الرسل الذين اصطفاهم الله وانزل عليهم الكتب وايدهم بالوحى والعصمة إذ هم اعلام الامم واهدى ان لو ثبت الاختيار ، ومنهم موسى وعيسى عليهماالسلام ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما اذا همّا بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن ، قلت : لا ، قال فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحى عليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لم يشك فى ايمانهم واخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله عز وجل : ( وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا ) الآية ، فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الافسد دون الاصلح وهو يظن انه الاصلح دون الافسد علمنا ان لا اختيار لمن لا يعلم ما تخفى الصدور وما تكنّ الضمائر وتنصرف عنه السرائر وان لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوى الفساد لما ارادوا اهل الصلاح.
ثم ان هذا الدليل عقلى وهو عين ما ذكره القائلون بوجوب نصب الامام على العباد عقلا.
الرابع ما ذكره التفتازانى فى شرحه للعقائد النسفية ، وهو ما روى عن النبي صلىاللهعليهوآله بطرق الفريقين : من مات ولم يعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية.
اقول : الحديث حق ثابت متواتر ، لكن ليقل عاقل للتفتازانى ومن سلك مسلكه : من امام زمانك الّذي يدعوك به الله تعالى يوم القيامة ، ومن الّذي ان عرفته إماما متّ على ميتة الاسلام ، وهو قد قال بعد سطور : واما بعد الخلفاء العباسية فالامر مشكل ، انتهى ، وهو نفسه بعد الخلفاء العباسية ، على ان الامر من اوله مشكل لانهم رووا عن رسول الله صلوات الله عليه وآله انه قال : الخلافة بعدى ثلاثون سنة تم يصير ملكا عضوضا ،