فيه رئيس قاهر مهيب سائس يأمرهم بالافعال الجميلة ويزجرهم عن القبائح كان حال البلد فى البعد عن التشويش والفساد والقرب من الانتظام والصلاح اتم مما اذا لم يكن مثل هذا الرئيس كائنا فيهم والعلم به ضرورى بعد استقراء العادات فثبت ان نصب الرئيس يقتضي اندفاع انواع من المضار لا تندفع الا بنصبه واذا كان كذلك كان نصب هذا الرئيس دفعا للضرر عن النفس ، واما ان دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الامكان فهذا متفق عليه بين العقلاء ، اما عند من يقول بالحسن والقبح العقليين فانه يقول : وجوب هذا معلوم فى بداهة العقول ، واما عند من ينكر ذلك فانه يقول : وجوب هذا ثابت باجماع الأنبياء والرسل وباتفاق جميع الامم والاديان ، انتهى ما ذكره بعين عبارته ، وغيره كالقوشجى اتى بهذا الدليل فى شرحه الا انه زاد فى الصغرى على دفع المضار جلب المنافع.
اقول : انظر ايها العاقل المنصف كيف قرر فى الصغرى ما قرره الامامية فى صغرى دليلهم من كون نصب الامام لطفا ، لكنهم يقولون : ان الله عز وجل اوجب على نفسه نظرا الى حكمته وعلمه وخبره ببواطن خلقه ورأفته وحنانه بعباده ان يقيم لهم من يقوم به جلب المصالح والمنافع ودفع المضار والمفاسد الدنيوية منها والاخروية قضاء لما اراد من خلق الخلائق ، وهؤلاء يقولون : لا بأس بان يهمل الله تعالى عباده ويتركهم مع اختلافاتهم وتخالف اهوائهم سدى ويكل هذا الامر الخطير الى انفسهم مع غلبة شهواتهم وكثرة شبهاتهم وجهالاتهم ، وانى للخلق بمعرفة الامام الناصح الّذي لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب ولم يكن ما يفسده اكثر مما يصلحه ، وكيف يعرف وقوع اختيارهم على من يطمئن القلب بامامته ويكون خيرا للامة فى دينهم ودنياهم تاركا للدنيا لاجل آخرته ، وانظر الى احوال كل واحد من الخلفاء الاموية والعباسية ومن بعدهم من رؤساء المسلمين ، بل انظر الى الاول والثانى وما نقل وقوعه منهما فى التواريخ والسير الّذي يأتى فى الكتاب ذكر بعضه.
واذكر الحديث الّذي رواه فى المجلد السابع من البحار باب ان الامامة لا تكون الا بالنص عن الاحتجاج عن سعد بن عبد الله القمى ، قال : سألت القائم عليهالسلام