فالعلم بانتفاء المفسدة فيه وعنه حاصل باليقين ، ولذلك اوجب الامامية كون الامام معصوما على ما يأتى فى المسألة الثانية ، وان ادعى مدع ان المفسدة لازمة للامامة غير منفكة عنها سواء كانت من عند الله تعالى او من عند الناس فدعوى باطلة كما اشار الشارح رحمهالله فى ضمن كلامه للقطع بامكان انفكاك المفاسد كلها عن الامامة ، ولان الامامة لا يتصور فيها مفسدة ، بل المتصور مفسدة من نصب لها ان كان من قبل الناس ، ولان ابراهيم عليهالسلام كان إماما كما اخبر الله تعالى عنه ولم يكن فى إمامته مفسدة بالاجماع ، والحاصل ان نصب الامام واجب فى حكمة الله تعالى لوجود المقتضى الّذي هو اللطف والمانع غير متصور.
واما الجواب على القول بوجوبه على الامة فان المفاسد محصورة معلومة لهم فيختارون من لم تكن فيه واجدا للعلم والبصيرة والشجاعة والعدالة وغيرها من الاوصاف التى ثبت سمعا او عقلا لزومها للامام.
اقول : الحق ان الايراد غير مندفع على القول بالوجوب على الامة لان العلم بخلو انسان سمى للامامة عن المفسدة فى دينهم او دنياهم يختص بعلام الغيوب الخبير بما فى الصدور ، والتاريخ ارانا ان الخلفاء المنصوبين من قبل الامة قد غلبهم الفساد ولم يكن عندهم تلك الاوصاف اللازمة للامام ، انظر الى الثلاثة الاولين الذين هم افضلهم عندهم هل كانت فيهم تلك الاوصاف أم ظهرت منهم اضدادها على ما روى وذكر فى الكتب وسيأتى فى هذا الكتاب ذكر بعضها ، فبالله العزيز المنتقم انهم افسدوا اكثر مما اصلحوا ان قال قائل : انهم اصلحوا ، فانهم اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات واضلوا عباد الله واخربوا بلاد الله وبدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار ، فانجر الامر لما فعل الاموية والعباسية ومن بعدهم الى ذلة المسلمين شيئا فشيئا حتى وصل اليوم الى ما لا ينفتح فم عاقل فيظهره ، والله قسما بشهادة الوجود ان امير المؤمنين عليهالسلام لو قام مقامه الّذي كان حقا له لم يمض زمان الا واهل الارض مالوا الى التوحيد والاسلام كما هو المرجو لنا عند قيام المهدى المنتظر صلوات الله عليه وعلى آبائه الاطهار حسب ما وعده الله تعالى فى مواضع من كتابه ، لكنه عليهالسلام تنحى عن مقامه فى الظاهر