شكره لا يمكن الا بعد معرفته على ما فصل فى محله ، وتقرير الشبهة بهذه الصورة مأخوذ من الاربعين للرازى ، فانه أوردها على القائلين بان نصب الامام واجب عليه تعالى غافلا او متغافلا عن انها متوجهة إليهم أيضا ، بل تستقر عليهم دوننا كما قررنا من قبل.
وخلاصة ما قال فى الاربعين مع التوضيح ان كون نصب الامام مشتملا على المصلحة اللطفية لا يكفى فى وجوبه عليه تعالى حتى تبينوا خلوه عن جهات المفسدة ، وانتم ما بينتم ذلك ، لا يقال : انا فى هذا المقام انما نتكلم مع المعتزلة ، وهم يسلمون لنا ان المعرفة يجب علينا تحصيلها لانها لطف ومقدمة لاداء الواجبات كشكر المنعم مع احتمال اشتماله على المفسدة ، فان كان مجرد تجويز اشتمال الشيء على المفسدة يمنع من الحكم وجب ان لا تحكموا أيضا بوجوب تحصيل المعرفة لان هذا الاحتمال قائم فيه مع انكم وافقتمونا فيه ، لانا نقول : الفرق ظاهر ، وذلك لان المعرفة لطف ومقدمة لاداء الواجبات فيجب علينا تحصيلها ، ونحن اذا عرفنا كون الشيء مشتملا على وجه الوجوب ولم نعرف فيه جهة مفسدة مانعة عنه وان كان فيه احتمالها غلب على ظننا كون ذلك الشيء واجبا علينا ، والظن فى حقنا قائم مقام العلم فى كونه سببا لوجوب الفعل علينا ، فلا جرم كفى هذا القدر فى ان يجب علينا تحصيل معرفة الله تعالى ، اما انتم فانما توجبون نصب الامام على الله تعالى ، ولا يمكن الجزم بوجوبه عليه الا اذا ثبت انه خال عن جميع جهات المفسدة فى الواقع اذ ليس عنده تعالى جهل وظن ، وانى لكم بهذا الجزم ، فاين احد البابين من الآخر ، انتهى ما فى الاربعين.
اقول : نحن جزمنا بذلك وعلمناه علم اليقين اذ قلنا ذيل كلام المصنف : والمفاسد معلومة الانتفاء : ان كون نصب الامام لطفا يقتضي ان ينصبه الله تعالى والمانع فى حقه معلوم الانتفاء لان نصب من لا يترتب عليه مفسدة ممكن وقد فعل والا يلزم نقض الغرض.