فان لم تطلب امكنة عناصر هذا العالم ولم تقتضها بطباعها لزم ان يكون المتفقات فى الطباع مختلفة فى الاقتضاء ، وهذا محال لان حكم الامثال واحد ، وان طلبتها لزم ان تكون فى تلك الامكنة بالقسر دائما ، وقد بين فى محله ان القسر الدائمى او الاكثرى محال ، والجواب انه لا يجب ان يكون العالم الثانى متفقا فى الحقيقة لهذا العالم كما ان اجسام هذا العالم ليست متفقة فى الحقيقة والاقتضاء ، فان قيل ، فعلى هذا ينتفى المماثلة بين العالمين قلنا : يكفى المماثلة فى حقيقة الجسمية ولا تلزم فى انواعها ، وعلى تسليم المماثلة فى النوعية يجوز ان يكون المكانان طبيعيين لكل فرد من نوع العنصر الواحد بان يقتضي كل ارض مثلا فى كل عالم مركز عالمه وكل نار فى كل عالم تحت فلك قمره وهكذا ، مع ان القسر الدائمى واقع فى كل جزء من اجزاء الارض لانه يقتضي الوصول الى نقطة المركز ولا يحصل له ابدا.
واما لزوم انخراق الافلاك فظاهر لان صعود الابدان الى خارج هذا العالم غير ممكن الا بخرق الافلاك.
اقول : اورد نظير هذا الكلام فى معراج رسول الله صلىاللهعليهوآله ببدنه الشريف ويأتى الجواب فى المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى.
وعلى الثانى ( اى حصول مكان الجنة والنار وحشر الخلق داخل هذا العالم ) لزم الانخراق ان كان فى ضمن السماوات ، وخلاف ما ثبت بالكتاب من ان الجنة عرضها السماوات والارض وعرضها كعرض السماء والارض ان كان تحت فلك القمر.
اقول : يأتى الجواب وبيان امكنة الحشر والجنة والنار فى المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى.
ثم ان صاحب الاسفار واقرانه من اصحاب الحكمة المتعالية والقائلين بعالم المثال مع اعترافهم بالمعاد الجسمانى ينكرون ثبوت المكان للدار الآخرة على هذا الوجه الّذي فى هذه الدار لان موجودات تلك الدار ليس لها مادة هذه الدار فلا تحتاج الى هذا المكان ، وطالب التفصيل يراجع كتبهم.