اقول : الحق ان الانسان هو الروح المجردة عن المادة وعلائقها ذاتا ، وهى غير البدن وان كانت شديدة الاتصال والعلاقة به ، ويطلق عليها الروح باعتبار تجردها الذاتى ، والنفس باعتبار افعالها وتحريكاتها ، والقلب باعتبار عقائدها وتقلباتها ، والعقل باعتبار مدركاتها العلمية.
واما الحياة فهى قوة فى البدن تكون منشئا لفعل النفس ودركها بالآلات البدنية ، فهى باقية ما دامت النفس متعلقة بالبدن ، فاذا انقطع التعلق زالت فلا تفعل ولا تدرك ما بها كانت تفعله وتدركه ، وهذه الحياة غير الحياة الذاتية للنفس لانها بعد انقطاع العلاقة إيضاحية.
واما مناط كونه مكلفا فهو كونه عقلا لان الجهل لا يليق بالخطاب ومرفوع عنه التكليف كما ورد فى الحديث ان الله تعالى لما خلق العقل قال له : ادبر فادبر ، ثم قال له : اقبل فاقبل ، فقال : وعزتى وجلالى ما خلقت خلقا احسن منك ، اياك آمر واياك انهى واياك اثيب واياك اعاقب ، وفى حديث آخر : لك الثواب وعليك العقاب ، وفى آخر : بك آخذ وبك اعطى ، وفى آخر : اذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا فى حسن عقله فانما يجازى بعقله ، وغير ذلك.
واما كون النفس غير البدن وانها مجردة ليست جسما ولا جسمانيا فهو مذهب جمهور الامامية والحكماء لدلالة آيات كثيرة واحاديث صريحة وادلة عقلية مذكورة فى محلها ، وظهور بعض الاخبار فى ان الروح جسم يحمل على الروح البخارى السارى مع الدم فى البدن الّذي يقال له الروح فى مصطلح الاطباء جمعا بينها وبين سائر الدلائل ، وذهاب بعض الفرق الضالة كالتناسخية والكرامية وغيرهما الى الحق فى هذا المبحث لا يمنع من قبوله لان الحق متبع اينما كان مع ان الامامية اخذوه من معادن الوحى لا منهم.
ثم ان القول بالمعاد البدنى ليس لان الانسان هو البدن او هو الروح والبدن جميعا ، بل القول به مأخوذ من ادلته التى تثبت للانسان الآلام واللذات الحسية