بل يكون موضوعا لادراكاتها الحسية فقط ، وليس هذا لكل نفس ، بل لنفوس البله ، واما العارفون فهم مستغنون عن المعاد الجسمانى باللذات العلية الاخروية ، وهذا قول الشيخ الرئيس ابى على بن سيناء تبعا للفارابى ، لكن لا على سبيل الجزم والتحقيق بالبرهان ، بل على سبيل عدم الامتناع والجواز.
قال فى النمط الثامن من الاشارات : والعارفون المتنزهون اذا وضع عنهم درن مقارنة البدن وانفكوا عن الشواغل خلصوا الى عالم القدس والسعادة وانتقشوا بالكمال الاعلى وحصلت لهم اللذة العليا وقد عرفتها ( اى اللذة العليا وهى اللذة الروحية العقلية وهى معنى المعاد الروحانى ) واما البله فانهم اذا تنزهوا خلصوا من البدن الى سعادة تليق بهم ، ولعلهم لا يستغنون فيها عن معاونة جسم يكون موضوعا لتخيلات لهم ، ولا يمتنع ان يكون ذلك جسما سماويا او ما يشبهه ، ثم صرح فى كتاب المبدأ والمعاد بان ما يشبهه هواء او دخان على ما نقل المصنف فى شرح الاشارات والمولى صدرا فى الاسفار والسبزوارى فى شرح المنظومة.
وغير خفى على العلماء منافاة هذين المذهبين ( والاول اشد نكرة ) لاصول الحكمة وما ثبت بالضرورة فى الشريعة ، بل ليسا الا انكارا للمعاد بالمعنى الّذي عند ارباب الوحى واصحاب الشرع ، وان مال الحكيم السبزوارى رحمهالله الى تصحيحه ببعض التوجيهات.
ولكن الشيخ اعترف فى الشفاء بالعجز عن تحقيق المعاد الجسمانى بالبرهان ، واشار الى وجوب الاعتقاد به لثبوته فى الشرع كالمصنف هنا.
قال فى إلهيات الشفاء : يجب ان يعلم ان المعاد منه ما هو مقبول من الشرع ولا سبيل الى اثباته الا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الّذي للبدن عند البعث ، وخيرات البدن وشروره معلومة لا يحتاج الى ان تعلم ، وقد بسطت الشريعة الحقة التى اتانا بها سيدنا ومولانا ونبينا محمد صلىاللهعليهوآله حال السعادة والشقاوة التى بحسب البدن ، ومنه ما هو مدرك بالعقل والقياس البرهانى وقد صدقته النبوة وهو السعادة والشقاوة الثابتتان بالمقائيس اللتان للانفس ، وان كانت الاوهام منا تقصر