عن تصورهما الآن لما نوضح من العلل ، والحكماء الالهيون رغبتهم فى اصابة هذه السعادة اعظم من رغبتهم فى اصابة السعادة البدنية ، بل كانهم لا يلتفتون الى تلك وان اعطوها ، ولا يستعظمونها فى جنبة هذه السعادة التى هى مقارنة الحق الاول على ما نصفه عن قريب.
والشيخ الاشراقى مع تصحيحه للمعاد الجسمانى بالقول بعالم المثال على ما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى لم يتحاش عن هذا المذهب حيث قال فى المقالة الخامسة من كتابه : فصل فى بيان احوال النفوس الانسانية بعد المفارقة البدنية : والسعداء من المتوسطين والزهاد من المتنزهين قد يتخلصون الى عالم المثل المعلقة التى مظهرها بعض البرازخ العلوية ، ولها ايجاد المثل والقوة على ذلك ، فيستحضر من الاطعمة والصور والسماع الطيب وغير ذلك على ما يشتهى ، وتلك الصور اتم مما عندنا فان مظاهر هذه وحواملها ناقصة ، وهى كاملة ، ويخلدون فيها لبقاء علاقتهم مع البرازخ والظلمات وعدم فساد البرازخ العلوية ، انتهى ، ومراده بالبرازخ العلوية الاجرام السماوية.
واما القائلون بالعينية فهم فرقتان من المتكلمين :
الفرقة الاولى القائلون بجواز اعادة المعدوم على اختلافهم فى شأن النفس ، فهم قالوا : ان الله تعالى يعيد هذا البدن يوم البعث بعد ان كان يفنى وينعدم بالكلية ولكنهم لم يوجبوا العود بجميع خصوصياته واوصافه من الشكل واللون والمقدار وعود الشعر عليه لروايات ناطقة بتغير هذه الاوصاف فى المؤمن والكافر.
والفرقة الثانية المانعون للجواز ، فهم قالوا : الاجزاء تتفرق ولا تنعدم بالكلية ، ثم يجمعها الله تعالى يوم البعث ويحييها كما هو ظاهر بعض الآيات والاخبار من دون لزوم عود جميع الاوصاف ، لكن منهم من قال كالمصنف هنا فرارا عن بعض الشبهات : ان الاجزاء منها اصلية ومنها فضلية ، والمناط هو الاصلية ، وهى اجزاء فى البدن لا تتغير عما عليه ، بل تبقى فى خلال سائر الاجسام وان تحولت من مكان الى مكان حتى تجمع وتحيى ، ولا بأس بان يلتصق بها عند البعث اجزاء اخرى من هذا البدن