فى بدن احدهما لم يكن بدن الاخر معادا بعينه بعد ان عودها الى كل منهما معلوم امتناعه وعدم عودها الى واحد منهما مسلم انتفاؤه ، او ان كافرا لو اكل مؤمنا او بالعكس لزم مع ذلك تنعيم الكافر اذا اعيد اجزاؤه الى بدن المؤمن الاكل او تعذيب المؤمن اذا اعيد اجزاؤه الى بدن الكافر الاكل ، او ان الاموات لو تحللت اجزاء ابدانها فى الارض وتكونت من تلك الاجزاء معادن او نباتات او حيوانات ويأكلها الاحياء من المؤمنين والكافرين لزم ذلك كله أيضا ، او ان انسانا لو قطع عضو من اعضائه وتحلل بمرور الزمان ثم تكوّن منه مأكول ثم اكله ذلك الانسان بعينه ثم صار جزءا من عضو آخر له او اعضاء اخرى لزم بعد امتناع جعل ذلك الجزء جزءا من العضوين ان لا يعاد احد العضوين بعينه ، وحاصل جميع الصور ان اجزاء ابدان المكلفين وغيرهم من الحيوانات لا تزال تفسد وتتحلل وتتكون منها اشياء مأكولة من المعدن والنبات والحيوان ، وقد يصير اجزاء منها نطفة لانسان آخر وهكذا الى يوم القيامة ، فيمكن بل من الواقع ان يصير بدن واحد اجزاء لابدان وكل من هذه الابدان اجزاء لابدان اخرى وهكذا ، فيكون اجزاء بعينها ابدانا لنفوس كثيرة على عكس صورة التناسخ ، فبدن اى من تلك النفوس يعذب او ينعم مع ان منها نفوسا مؤمنة ونفوسا كافرة ، واجزاء ابدانها مشتركة ، وكلما بعد زمان نشو انسان من اوّل زمان الدنيا وقرب من آخر زمانها ازداد هذا الاشتراك ، فكيف يمكن عود بدن كل نفس يوم البعث بتمامه.
الشبهة الثانية ان الله تعالى اما ان يعيد جميع الاجزاء البدنية الحاصلة من اوّل العمر الى آخره اى كل ما تكوّن منه وما ازداد عليه فى خلال عمره وتحلل منه و ـ بقى له ، او القدر الّذي تكوّن منه فى ابتداء نشوه ، او القدر الحاصل له فى انتهاء عمره ، او احد المقادير الحاصلة له بين الابتداء والانتهاء ، والكل باطل ، لان الاول يستلزم عظم بدنه فى الغاية مع ان اكثر اجزائه من غيره لا محالة ، والثانى يستلزم صغره فى الغاية لانه فى اوّل نشوه كان نطفة ، والثالث يستلزم الاهمال او ايصال الحق الى غير مستحقه لان العبد يمكن ان يكون فى جميع عمره عاصيا وفى آخر عمره مطيعا او