كان فاما آخذ فى فعل او كافّ عن فعل ويمتنع عليه الخروج عنهما فهو لا يقدر على غيرهما ، وغير المقدور لا يطلبه الشارع من العبد على قواعد العدلية ، والجواب ان مطلوب الشارع عدم وقوع القبيح سواء امسك العبد نفسه عنه او لم يلتفت إليه اصلا ، واما قولهم : يمتنع عليه الخروج عنهما فباطل لان القدرة كون الفاعل بحيث اذا شاء فعل واذا لم يشأ لم يفعل ، وعدم المشية يتحقق مع الالتفات وبدونه.
ثم انهم تجاوزوا عن ذلك الى الالتزام بان الاخلال بفعل الواجب أيضا لا تتحقق به المعصية لعدم القدرة على الاخلال لعين ما ذكروه من الدليل بعد اعتراض الخصم عليهم بان دليلكم يقتضي عدم تحقق المعصية فى الاخلال بالواجب ، والشارح اورد عليهم بان هذا الالتزام ظاهر فساده لان العقلاء يستحسنون ذم المخل بالواجب اى التارك له من دون التفات إليه كما يستحسنون الذم على فعل القبيح ، وذلك دليل على انه قادر على الترك وان لم يكن ملتفتا الى المتروك ولم يتصوروا منه كفّا ، فاذا ثبت هذا فى الاخلال بالواجب ثبت ان الاخلال بالقبيح كذلك.
وقد يجاب عن دليلهم بان قولكم : ان المكلف اما آخذ فى فعل او كافّ عن فعل ليس بصحيح لانه فى حال سلامة قواه وانتباه حواسه دائما آخذ فى فعل ما ولازمه الغفلة عما سوى ذلك الفعل لان الانسان يشغله كل شأن عن غيره ولم يجعل الله لرجل من قلبين فى جوفه ، وفى حال النوم او عدم سلامة قواه ليس له التفات الى فعل اصلا ، وهذا هو الحق.
قول الشارح : والدليل على استحقاق الخ ـ قد مرّ بعض الكلام فى ذلك فى المسألة الحادية عشرة من الفصل الثالث من المقصد الثالث ، وقد استدلوا أيضا عليه بآيات الجزاء والوعد والاخبار ، وقول المصنف فيما يأتى : ولدلالة السمع ناظر الى المقامين ، اى استحقاق الثواب واستحقاق العقاب.
قول المصنف : لاشتماله على اللطف ـ اى لاشتمال كون فعل القبيح والاخلال بالواجب سببا لاستحقاق العقاب والذم على اللطف ، ونفس مضمون هذه القضية لا تشتمل على اللطف ، بل اذا وقعت فى ذهن المكلف وعرفها ، فان المكلف اذا عرف