وقد مرّ الكلام فى مذهبهم عن قريب.
قول الشارح : اختلف المعتزلة على أربعة الخ ـ اعلم انه لا شبهة ولا خلاف فى ان الثواب والعقاب يقعان فى الآخرة ، قال امير المؤمنين عليهالسلام : اليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل ، والثواب والعقاب بعد الحساب ، وما يصل الى المؤمن والكافر من البلايا والعطيات فى الدنيا ترتبا على بعض الاعمال او ابتداء ليس بثواب الايمان والصالحات وعقاب الكفر والسيئات ، وان امكن ان يكون عقابا للمؤمن على سيئاته او بعضها وعطاء للكافر على خير او خيرات صدرت منه ، وقد ورد فى اخبار ان الله يبتلى عبده المؤمن فى الدنيا حتى يخلص له الثواب فى الآخرة ويعطى الكافر فى الدنيا عطايا حتى يخلص له العذاب فى الآخرة ، ولا شبهة ان مقتضى العقاب والثواب انما هو فى هذه الدار ، ولا شبهة انه ليس علة تامة والالم ينفكا عنه ، بل مقتض للاستحقاق.
ثم اختلفوا فى ان الاستحقاق متى يحصل؟ وهل له شرط او مانع أم لا؟ بعد الاتفاق على ان مقتضيه الطاعة والمعصية.
فالاشاعرة بمعزل عن هذا البحث ، فانهم لا يوجبون شيئا ولا يقولون بالاستحقاق ولا بوجوب شيء من الثواب والعقاب عليه تعالى ، بل يقولون : له اثابة العاصى وعقاب المطيع كما صرح به الشارح القديم فى شرحه.
وطائفة من المعتزلة قالوا : ان الاستحقاق يحصل حال الموت ، وآخرون منهم قالوا : يحصل فى الآخرة ، والعبد قبل ذلك لا يستحق ثوابا ولا عقابا ، وعلى هذين المذهبين فان مات العبد على الايمان والطاعة فلا معنى لاشتراط استحقاق الثواب بشيء ولا يتصور له مانع اذ خرج من دار الاختيار ، وان مات على الكفر فكذلك ، وان مات على العصيان بلا توبة منه فمن الممكن ان يمنع من استحقاق عقابه مانع من عفو الله تعالى بالشفاعة او بدونها ، ولكن هذا ليس من مذهب المعتزلة ، ويأتى ذكره فى مسألة العفو والشفاعة.
وطائفة اخرى من المعتزلة كأبي على وابى هاشم الجبائيين قالوا : ان الاستحقاق