قال الاشعرى فى المقالات : اختلف المعتزلة فى التائب يتوب من الذنب ثم يعود إليه على مقالتين : فقال قائلون : يؤخذ بالذنب الّذي تاب منه اذا عاد إليه ، وقال قائلون : لا يؤخذ بما سلف لانه قد تاب منه.
اقول : فى قوله تعالى : ( وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) فى آكل الربا ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ ) فى المحرم القاتل للصيد ، وقوله تعالى فى الكفار : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ) اشعار بان العائد الى الذنب الاول يؤخذ اشد من الاخذ الاول.
قول الشارح : سواء تاب عنها الخ ـ التوبة من الذنب الّذي تاب منه هى الاستمرار على التوبة بحيث لو نقض توبته وعاد الى مثله بطلت توبته ، وعلى هذا فيجب التوبة عن كل ذنب فى كل وقت بان تاب عنه ابتداء او استمرّ على توبته او استأنف التوبة عنه ان نقضها.
قول الشارح : الاول انها دافعة الخ ـ هذا قياس من الشكل الاول صورته ان التوبة دافعة للضرر المحتمل الّذي هو العقاب ودافعة لخوف ذلك العقاب المحتمل وكل دافع لذلك يجب اتيانه بحكم العقل فالتوبة يجب اتيانها ، بيان الصغرى ان معصية المولى مقتضية للعقاب وشمول عفوه من دون التوبة غير معلوم وكذا الشفاعة اذ ليسا من حق العبد فيصير العقاب محتملا قويا والخوف منه حاصلا ، وبيان الكبرى ان العقل يحكم بالضرورة باتيان ما يدفع هذا الخوف والاحتمال وليس ذلك الا التوبة ، فتجب بحكمه ليحصل الأمن.
ان قلت : انى يحصل القطع بقبول توبته حتى يحصل الأمن ، قلت : ان تاب بحقيقتها التى هى الندم على مخالفة المولى من حيث هى مخالفة المولى العظيم القهار والعزم على تركها حصل القطع بذلك لانه تعالى وعد فى كتابه بقبول توبة عبده وانه عز وجل لا يخلف الميعاد.
ان قلت : فاين موضع الاستغفار؟ قلت : ان العبد العاصى اذا تذكر مقام ربه