فان المؤمن يمكن ان يكون عند ذكر ربه وتذكر وعده ووعيده نادما على ما ارتكبه من العصيان بحسب عقله وايمانه ، مائلا بحسب شهوته او غضبه الى مثل تلك التى تاب منها ، وربما يغفل ويزل فيها ثانية عند تهيؤ الاسباب ، نعم هذا عند ضعف الايمان ، واما من قوى ايمانه وعقله فهو غالب على غضبه وشهوته ، صائن لنفسه عند ما قرب من معرض معصيته.
ثم ان همّ السيئة مغفور بدلالة الاحاديث سواء كان على الابتداء او بعد التوبة من تلك السيئة.
روى فى سادس البحار ص ١٨ عن الكافى بالاسناد عن ابى جعفر عليهالسلام ، قال : ان آدم عليهالسلام قال : يا ربّ سلطت عليّ الشيطان واجريته منى مجرى الدم فاجعل لى شيئا ، فقال : يا آدم جعلت لك ان من همّ من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه ، فان عملها كتبت عليه سيئة ، ومن هم منهم بحسنة فان لم يعملها كتبت له حسنة ، وان هو عملها كتبت له عشرا ، قال : يا ربّ زدنى ، قال : جعلت لك ان من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له ، قال : يا رب زدنى ، قال : جعلت لهم التوبة وبسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه ، قال : يا رب حسبى.
قول المصنف : وكذا المعلول مع العلة ـ اى وكذا فى وجوب التوبة من المعلول مع وجوبها من علته اشكال ، فهل يجب على المرتكب توبتان من العلة والمعلول او توبة واحدة من المعلول فقط ، وهذه المسألة ترجع الى ان سبب الحرام حرام حتى يجب منه التوبة أم لا ، والحق انه ليس بحرام مطلقا الا ان ينطبق عليه عنوان من عناوين المحرمات لان الحكم يتحقق عند تحقق موضوعه والا فلا ، والحق أيضا ان التوبة لا تجب قبل وجود المعصية سواء كانت سببا او مسببا لان سبب وجوب التوبة هو ارتكاب المعصية فما لم يتحقق السبب لم يتحقق المسبب.
قال المفيد رحمهالله فى اوائل المقالات : القول فى التوبة من المتولد قبل وجوده او بعده ، واقول : انه لا يصلح التوبة من شيء من الافعال قبل وجوده سواء كانت مباشرة او متولدة او من فعل سببا اوجب به مسببا ثم ندم على فعل السبب قبل وجود المسبب فقد