سقط عنه عقابه وعقاب المسبب وان لم يكن نادما فى الحقيقة على المسبب ، ليس لانه مصر عليه او متهاون به لكن لانه لا يصح له الندم مما لم يخرج الى الوجود والتوبة مما لم يفعله ، غير انه متى خرج الى الوجود ولم يمنعه مانع من ذلك فان التوبة منه واجبة اذا كان فاعله متمكنا ، وهذا مذهب جمهور اصحاب التولد وقد خالفهم فيه نفر من اهله ، وزعموا ان التوبة من السبب توبة من المسبب ، وقال بعضهم : انه بفعله السبب يكون كالفاعل للمسبب ولذلك يجب عليه التوبة منه ، والقولان جميعا باطلان لان التوبة من الشيء لا تكون توبة من غيره ، وقد ثبت ان السبب غير المسبب ولان السبب قد يوجد ولا يخرج المسبب الى الوجود بمانع يمنعه منه ، انتهى.
قول الشارح : اذا فعل المكلف العلة الخ ـ انه رحمهالله بسط هاهنا مورد الكلام وصوره صورا : فان سبب الحرام اما لا يتخلل بينه وبين الحرام زمان واما يتخلل ، وعلى كل فاما يكون المعلول مباشريا او توليديا ، والشارح رحمهالله فرض مورد الكلام ما اذا كان بينهما تخلل زمانى وكان المعلول توليديا ، فشيوخ المعتزلة قالوا : يجب التوبة من المعلول فقط وتصح التوبة منه ولو قبل تحققه ، وقاضى القضاة عبد الجبار المعتزلى قال : يجب عليه توبتان : إحداهما من العلة والاخرى من كون الرمى مولدا للقبيح فان التوليد عنوان غير ذات الرمى ، ولا يجوز الندم على المعلول اصلا لا قبل تحققه لانه لا قبح فيه حينئذ ولا عند تحققه لانه حينئذ خارج عن اختيار الفاعل.
اقول : كأنّ هذا القاضى ذهب الى عدم استناد الافعال التوليدية إلينا ، وقد مرّ الكلام فيها فى المسألة السابعة من الفصل الثالث من المقصد الثالث ، لكن انكار جواز الندم عليها عجيب ، فتدبر ، والحق ان كلا من المولد والمتولد ان انطبق عليه عنوان من المحرمات وجب منه التوبة والا فلا.
قول المصنف : ووجوب سقوط العقاب بها ـ اى وفى وجوب سقوط عقاب المعصية التى تاب منها العبد على الله تعالى اشكال أيضا.
اقول : مقتضى دأب المصنف من الايجاز فى الكلام لا سيما فى هذا الكتاب ان يقول : وفى ايجاب التفصيل مع الذكر ، والتجديد ، والمعلول مع العلة ، ووجوب سقوط العقاب