فى حده عدم وقوعه فى الخارج ، واما النسبة بين الامر الكائن فى الذهن والخارجى فعموم من وجه لان بعض الكائن فى الذهن لا يكون فى الخارج كالمواد الثلاث وسائر الامور الاعتبارية وبعض ما فى الخارج لا يقع فى الذهن كحقيقة الواجب تعالى فانها لا تقع فى مدرك من المدارك وبعض الكائن فى الذهن يكون فى الخارج كالانسان.
تحقيق وتوضيح : ان ما ذكر من معنى نفس الامر يرجع فى الواجب الى حقيقته وفى الممكنات الى مرتبة ماهياتها بمعنى انها مع قطع النظر عن الوجودين لها تقرر ونفسية فى مرتبة الماهية بخلاف زوجية الخمسة والعدم المطلق وقدم العالم مثلا فانها لا ماهية ولا نفسية لها الا بحسب وجوده فى الذهن بالفرض ولا كلام لنا الآن فى معنى تقرر الماهية فان الحكماء والمتكلمين والصوفية اختلفوا فيه فكل قوم ذهبوا الى مذهب وبالذى ذكرنا صرح صاحب الشوارق حيث قال : بل نقول مرتبة تقرر الماهية سابقة على تقرر الوجود مطلقا فادراكنا الاربعة زوجا مسبوق على كون الاربعة زوجا فى حد ذاتها الا ترى انه يصح ان نقول انما حكمت بكون الاربعة زوجا لان الاربعة فى حد ماهيتها زوج وليس الزوجية بالقياس الى الخمسة كذلك انتهى.
ثم يمكن ان يقال : ان لنفس الامر معنى اخر وهو الاحاطة العلمية الواجبية تعالى بالكائنات كما يقال : ان كذا كان فى علم الله لان له حقيقة وكذا لم يكن فى علم الله لانه ليست له حقيقة فنفس الامر هو عيبة علمه تعالى بالكائنات فالنسبة الذهنية ان طابقت لما فى علمه تعالى فصادقة وإلا فكاذبة.
لا يقال : ان الكواذب التى تقع فى الاذهان لا يمكن ان لا تكون فى علمه تعالى لانه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الارض ولا فى السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا فى كتاب مبين كاذبة كانت او صادقة لانا نقول : ان نفس الكواذب لا تكون فى علمه تعالى بل الّذي فى علمه تعالى هو ان هذه الكاذبة فى هذا الذهن وهذا لا يستلزم ان تكون نفس هذه الكاذبة فى علمه تعالى لو لا هذا الذهن فيه فتامل.
ثم ان للعقل الفعال احاطة علمية بما دونه من الكائنات فيمكن ان يقال : ان نفس الامر بالنسبة إليها هو العقل الفعال من حيث انه محيط بها احاطة علمية فالنسبة